غرام وانتقام

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 27 مايو 2022 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

هل يمكن عمل حملة ثقافية منظمة تتولاها عدة مؤسسات منها أقسام التاريخ فى كليات الآداب والعديد من المؤسسات الثقافية، بما فيهم مؤسسة السينما ولجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، وأيضا لجنة السينما لإعادة كل المحذوفات التى يمكن استرجاعها والتى تتعلق بالتاريخ المصرى لما قبل عام 1952 وضمه إلى أصوله.

هل يمكن أن ينضم شخص ما أو أكثر وعمل كتاب عام مجانى لمناصرة استرجاع هذا التاريخ المشرف الذى تم تلويثه لأسباب متعددة خاصة بعد يوليو 1952.
هذه الفكرة اشتدت بى ألما وأنا أشاهد مجددا وقائع فيلم «غرام وانتقام» الذى أخرجه يوسف وهبى 1944 وفيه يؤدى دور الموسيقار جمال الذى يتكلم عن نفسه ويقول إنه استغرق عامين من المجهود الكبير لعمل أوبريت غنائى لتكريم أسرة الراعى الأول لمصر الحديثة، وهنا توقف كلام يوسف وهبى بلسان بطل الفيلم، الناس لا تسأل ماذا حدث ولا يهمها كيف حدث؟، وكل ما فى الأمر أننا حرمنا من الاستمتاع بأوبريت مواكب العز الذى غنته أسمهان ضمن أحداث الفيلم باعتبارها مطربة استعانت بها الأميرة شويكار الزوجة الأولى للملك فؤاد؛ كى تغنى لأمجاد أسرة محمد على، واختصار كل شخصيات هذه الأسرة فى أربعة حكام هم محمد على باشا وإسماعيل باشا ثم الملك فؤاد وابنه الملك فاروق بكلمات تلغرافية كتبها أحمد رامى ولحنها السنباطى العظيم تغنت أسمهان بهذه الشخصيات بكلمات تعبر عن الحب وليس التملق كلن فى بيتين قصيرين، ونحن نذكر هنا الأسماء التى ساهمت فى هذا المشروع للتأكيد على عظمة المنتج الفنى الذى قامت جهات مسئولة بحذفه تماما لحسن الحظ فإن شركة ert التى اشترت نجاتيف الفيلم قد قامت بترميمه وكان يعرض فى قنوات هذه المحطة كاملا، وكان الفيلم موجودا بهذا الاكتمال على اليوتيوب، كما أن الأوبريت لا يزال بحالة جيدة بعد ترميمه بحالة جيدة وكل ما نطالب به هو أن يعود الأوبريت إلى مكانه الأصلى فى كل النسخ التى تعرض فى القنوات، ولا شك أن هذا سوف يزيد من أصالة الفيلم أينما عرض، وسوف يعيد للتاريخ المصرى الحديث رونقا قد يختلف عليه البعض لكنه صورة مشرفة من تاريخنا، ففى العصور التى حكم فيها هؤلاء الأربعة كانت هناك إنجازات وثورات ضد الإنجليز ومواقف مشرفة، والسؤال مثلا هو لماذا يقوم يوسف وهبى المخرج بتصوير هذا الأوبريت ويفاجأ بالموت العاجل الذى داهم أسمهان، وكان حريصا على أن يكون الفيلم والأوبريت جزءا واحدا أنه ليس تاريخ مصر فقط ولكنه تاريخ أسمهان صاحبة الصوت النادر التى جاءت من جبال الدروز لتغنى لحكام مصر بكل هذه الرصانة والأصالة.
يمضى سبعون عاما هذا العام على محو كل ما كان يتعلق بهذه الأسرة على شاشات السينما وليس الأمر يقتصر على «غرام وانتقام» كما سبق أن تحدثنا فهناك أكثر من عشرين فيلما أصابتها نفس الفيروسات ومنها: «الماضى المجهول، أحلاهم، غزل البنات، الأسطى حسن، ليلى بنت الفقراء، ليلى بنت الأغنياء، لست ملاكا»، وغيرها من الأفلام، بالإضافة إلى أعمال اختفت مع التاريخ لأسباب لا نعرفها فى دولة تم الاستفادة بشكل تجارى كبير من تراثها السينمائى لصالح من يمتلكون أصول هذه الأفلام دون أن تتحكم بلادنا فى ملكية أى منها، هذا هو التاريخ الذى يجب على أصحابه محاولة استعادة بكل الأثمان المهم أن يتم هذا تحت إشراف شخص يؤمن أن الزيف لحق بنا فى أعمالنا الفنية وخاصة ونحن نتعامل مع المنجزات العظمى وأصحابها لكن بلا رجع صدى.
كلمة إلى التاريخ يا أبناءنا.. انتبهوا إلى تاريخنا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved