صفحة جديدة.. ورئيس جديد

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: الأربعاء 27 يونيو 2012 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

لأول مرة فى مصر تجرى انتخابات رياسية تضع على قمة السلطة رئيسا منتخبا انتخابا حرا، بعد معركة انتخابية ساخنة شهد الشعب المصرى فيها استقطابا حادا بين المرشحين محمد مرسى وأحمد شفيق. ومارس فيها المصريون مفهوم الديمقراطية وحرية الرأى بأفضل وأسوأ صورها.. إلى درجة بلغ فيها انقسام الرأى بين الناخبين نقطة حرجة، لم يتجاوز الفارق فيها عدة آلاف من الأصوات. وحين ظهرت نتائج الانتخابات احتفل كل فريق منهم على طريقته.. الفائزون ظنوا أنهم امتلكوا زمام الأمور. والخاسرون أصيبوا بموجة إحباط وكأنها نهاية العالم. ولم يتقبل أى منهما النجاح أو الفشل باعتباره جزءا من لعبة سياسية تخضع للربح والخسارة، مثلما يحدث فى جميع الدول الديمقراطية التى تدربت شعوبها على تداول السلطة!

 

والطريف فى الأمر أن كثيرا من قيادات النخبة، هم أول من تراجع عن مواقفه، ووجد نفسه مضطرا للاعتذار والتأويل وتقديم كشف حساب عن أسباب تغير مواقفه. ثم لم يلبث حين ظهرت بوادر نجاح المرشح الإخوانى أن انتقل ولاؤه إليه. ولعل هذا هو أخطر ما سوف يواجهه الرئيس الجديد حين يتزاحم حوله الباحثون عن المناصب والمشتاقون للزعامات. ولعل من أهم الخطوات التى اتخذها الدكتور مرسى ما أعلنه عن نهاية عضويته فى حزب الحرية والعدالة ومن جماعة الإخوان المسلمين لكى يكون رئيسا لكل المصريين. وهو تقليد ديمقراطى معمول به فى جميع دول العالم: أن يترك الرئيس المنتخب مناصبه الحزبية ولا تصبح له علاقة بأمور الحزب الذى رشحه وسانده فى الانتخابات.. حتى وإن ظل محتفظا بنفوذه الأدبى فيه. هكذا فعل ساركوزى وميركيل وغيرهما.

 

ولعل هذا من أهم الأسباب التى تدفع الرئيس الجديد إلى القيام بعملية مصالحة واسعة النطاق مع أطراف عديدة وقفت ضده أو ترددت فى تأييده. إذ تثبت الأرقام التى حصل عليها شفيق أن عدد المؤيدين له اقترب كثيرا من عدد المؤيدين لمرسى. وأغلب الظن أن قرى عديدة فى الوجه القبلى صوتت لشفيق. وأن بعض الهوامش التى أهملها حزب الحرية والعدالة وحزب النور عكست معارضة قوية لمرسى. وربما كانت المرأة المصرية من أقوى الفئات التى أحست الخطر لو جرى انتخاب مرسى. وقد دهشت حين قابلت بعضا منهن مصادفة وقد أصبن بالإحباط الشديد لعدم نجاح شفيق. وساد لديهن انطباع بأن فوز الإخوان سوف يضيق الخناق على المرأة فى عملها وحركتها ودخولها وخروجها. وقالوا إن الدليل على ذلك هو ضعف تمثيل المرأة فى مجلس الشعب وغيابها عن صفوف الحملة الانتخابية التى ساندت مرسى.

 

ولكن من الواضح أننا نبدأ صفحة جديدة من حياتنا السياسية، تحت ظل رئيس مدنى وإن كان بغير صلاحيات كاملة. وتحت مظلة سلطة عسكرية يهمها أن تحافظ على وضعيتها وامتيازاتها الاقتصادية والاستراتيجية. ولكن السؤال المهم هو: هل يستطيع رئيس مدنى منتخب أن يتحمل الأنفاس الثقيلة لنظام عسكرى على المدى الطويل؟ وكيف يمكن لدولة حديثة أن تنتهج أسلوبا ديمقراطيا يتحقق فيه الفصل بين السلطات؟ لقد احتفظ المجلس العسكرى لنفسه بسلطة التشريع وكبّل سلطات الرئيس بالإعلان الدستورى المكمل. وسوف يكون أول نزاع بين المجلس العسكرى والرئيس الجديد هو الجهة التى سيحلف أمامها اليمن الدستورية، وهل تكون هى المحكمة الدستورية العليا كما يقضى بذلك الإعلان المكمل أم فى ميدان التحرير كما يرى مرسى؟! لقد تقدم مرسى بطلب لتعديل الإعلان المكمل وليس لإلغائه وتلك خطوة أولى فى طريق المواءمات السياسية المطلوبة.

 

إذ لابد من إيجاد حل يقـرِّب بين الطرفين، ينطوى على تنازل من جانب الرئيس الجديد يتراجع فيه عن تقليعة أداء اليمين أمام الميدان. والأهم من ذلك أن ينجح مرسى فى تجميع صفوف القوى السياسية والحزبية حوله والاتفاق على عدد من المبادئ الرئيسية التى يلتزم بها الجميع. ولو نجحت المحاولات التى تبذل لإشراك البرادعى أو عمرو موسى فى حكومة ائتلافية تضم عناصر من جميع الاتجاهات وليس من حزب الحرية والعدالة وحزب النور فقط، تتميز بالكفاءة وتخلع رداء الحزبية وتقطع الطريق على الأهواء الشخصية.. فسوف يجد المجلس العسكرى نفسه مضطرا إلى إعادة الصلاحيات التى سحبها بحكم الإعلان الدستورى المكمل حتى وإن احتفظ لنفسه بالوزارات السيادية.

 

ولا يغيب عن البال أن الفترة الانتقالية لابد أن تنتهى وأن الفراغ التشريعى القائم لن يبقى طويلا. ولابد من إجراء انتخابات تشريعية جديدة إذا أراد المجلس العسكرى أن يعيد البلاد إلى حالتها الطبيعية وأن تتم عملية نقل السلطة بدون انتكاسات أخرى. وهذه هى النهاية الطبيعية للمرحلة الانتقالية، يتحمل مسئوليتها المجلس العسكرى والرئيس الجديد المنتخب معا!

 

●●●

 

أثار  المؤتمر الصحفى الذى عقده المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرياسية، انتقادات عديدة، بسبب التلكؤ فى إعلان تفاصيل النتائج الانتخابية والأرقام التى حصل عليها كل مرشح. مما ترتب عليه عدم احترام المواعيد التى أعلنت مصر أن اللجنة ستذيع فيها نتائج العملية الانتخابية. إذ تأخر انعقاد اللجنة وبدء فاعلياتها نحو ساعة. وقال لى صديق ممن تحتم عليهم أعمالهم السفر إلى الخارج أن أكثر ما يزعج المواطن المصرى المسافر فى الخارج هو عدم دقة التواريخ والمواعيد التى يعلنها المسئولون فى مصر وهو ما يقلل كثيرا من مصداقية البيانات التى تذاع من مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved