ما نحتاجه من أوروبا فى سد النهضة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 27 يونيو 2021 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

هل تبذل الدول الأوروبية الكبرى الجهد الكافى للمساعدة فى حل مشكلة سد النهضة الإثيوبى، الذى يهدد ملؤه وتشغيله بصورة أحادية حياة ومستقبل أكثر من مائة مليون مصرى؟
الذى ذكرنى بهذا السؤال لقاء تم فى منزل السفير كريستيان بيرجر سفير الاتحاد الأوروبى مساء الثلاثاء الماضى، حضرته مع السفير بصحبة رؤساء تحرير صحف الأهرام والوطن والدستور ومدير مكتب قناة سكاى نيوز عربية بالقاهرة.
عنوان النقاش هو: «التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مجال المياه». وأول ما يتبادر إلى ذهن أى مصرى حينما يسمع كلمة المياه هو مياه النيل. لكن ما كان يعنيه النقاش مشروعات المياه داخل مصر.
وخلال اللقاء تم عرض بعض الفيديوهات لهذه المشروعات التى ينفذها الاتحاد الأوروبى فى محافظات مختلفة منها سوهاج والفيوم والمنوفية.
السفير بيرجر قال إن هناك شراكة كاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى قطاع المياه، قدمنا منحا ومساعدات فى القطاع منذ عام ٢٠٠٧ بحوالى ٥٠٠ مليون يورو، إضافة لقروض ميسرة تصل إلى ٣ مليارات، وهذه المشروعات استفاد منها حوالى ٢٠ مليون مصرى فى ١٤ محافظة.
حينما انتهى عرض هذه الفيديوهات، وكذلك شروح تفصيلية من المدير المصرى المسئول عن هذا القطاع فى الاتحاد الأوروبى، قلت للسفير بيرجر إننا كمصريين بالطبع نقدر دوركم فى تقديم هذه المساعدات ومعظمها بالمناسبة دعم فنى وتقنى وتدريبات، ونقدر العلاقات مع الاتحاد الأوروبى فى مجالات كثيرة، لكن ما ينتظره المصريون الآن منكم ومن العالم أجمع ليس فقط الدعم الفنى وترشيد استخدام المياه، وهى قضايا شديدة الأهمية، لكنهم ينتظرون دعما ومساعدة حقيقية فى الضغط على إثيوبيا من أجل الوصول إلى اتفاق عادل وقانونى وملزم لملء وتشغيل سد النهضة، بما يحفظ حقوق البلدان الثلاثة.
السفير وكما هو متوقع. كان يرد بإجابات دبلوماسية مثل قوله إنه ليس خبيرا فى شئون المياه، وإن الاتحاد يشجع كل الأطراف على التفاوض بحسن نية وإنه يتفق مع وجهة النظر المصرية الداعية للوصول إلى اتفاق قانونى وملزم، وأن ذلك من شأنه أن يحقق منافع كثيرة ليس فقط للبلدان الثلاثة، ولكن لكل المنطقة.
قلت للسفير، لكن السؤال الذى لا نجد له إجابة، هو كيف يمكن إقناع إثيوبيا بالوصول لاتفاق قانونى وملزم فى حين أنها تواصل التحدى ليل نهار والإصرار على ملء السد بصورة أحادية.
مرة أخرى بعض الدول الأوروبية لديها موقف قوى وجيد لدعم مصر فى قضية سد النهضة، وبعضها متفهم لموقف مصر، لكن ظنى الشخصى أن مجمل المواقف ليس قويا بما فيه الكفاية، بحيث يقنع إثيوبيا بأن إصرارها على السير قدما فى التحدى والتعنت سوف يكلفها الكثير دوليا.
لا نريد من أوروبا والعالم بأسره أن يحارب معاركنا الخاصة، لكن على الأقل يكون له مواقف حاسمة وعادلة فى الصراعات شديدة الخطورة.
أوروبا أو غيرها قد لا يعنيها كثيرا سد النهضة، وبعض دولها قد يشجع إثيوبيا، لكن المؤكد أن التعنت الإثيوبى قد يقود إلى تفجر الأوضاع بصورة دراماتيكية سيدفع جزء من ثمنها الأوروبيون أنفسهم.
أحد الزملاء لفت نظر السفير إلى هذا الأمر، حينما قال ألا تخشون إذا تفجر الصراع من تدفق ملايين المهاجرين إليكم ولا تخشون وجود لاجئين وصراعات طائفية وعرقية وقومية فى أفريقيا خصوصا القرن الإفريقى؟!
السفير أجاب بأن أوروبا مهتمة جدا بالقضية وأنها تواصل جهودها، وعينت مبعوثا لهذا الأمر، وأن دخولها لهذه القضية جاء فى مرحلة تالية بعد الولايات المتحدة قادت ورعت المفاوضات قبل عامين وعينت مؤخرا مبعوثا هو جيفرى فيلتمان.
قلت للسفير لديكم تجارب مهمة فى إدارة الأنهار المشتركة بين أكثر من دولة مثل الراين والدانوب فلماذا لا تقنعون إثيوبيا بهذه الصيغ التى حققت الفوائد للجميع؟
هو قال نحن نفعل ذلك، قلت له ولماذا لا تضغطون عليها للقبول بذلك؟ وهنا دخلنا فى تفسير وترجمة كلمة ضغوط وأحد الزملاء قال له لا نريد ضغوطا بل أن تكونوا عادلين فى هذه القضية.
قلت له إذا كنتم مقتنعين فعلا بوجهة النظر المصرية، فهناك عشرات الأدوات التى يمكن استخدامها من أول المساعدات نهاية بالتسهيلات والقروض والاستثمارات، ناهيك عن أن إثيوبيا ترتكب أكبر عملية تطهير عرقى فى قارة أفريقيا ضد جزء من شعبها فى إقليم التيجراى.
حينما خرجت من منزل السفير بعد التقاط الصور التذكارية، تذكرت بيت الشعر الذى يقول:
ما حك جلدك غير ظفرك
فتولى أنت جميع أمرك

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved