الصفقة الصينية الإيرانية: بالون تجريبى يحمل رسالة واضحة

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الإثنين 27 يوليه 2020 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Jewish news syndicate مقالا للكاتب «JAMES DORSEY»، زميل أول غير مقيم فى مركز BESA، وزميل أقدم فى مدرسة S. Rajaratnam للدراسات الدولية فى جامعة نانيانج التكنولوجية بسنغافورة، تناول المقال تطور العلاقات الاقتصادية بين إيران وبكين، والرسائل التى تحملها هذه العلاقات للدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكذلك دول الخليج... نعرض منه ما يلى:
إن إبرام صفقة تعاون صينية ــ إيرانية مدتها 25 عاما عمل جيد. وأوضحت مجموعات المقالات والتحليلات والتعليقات أن تعاون البلدين يبعث برسائل واضحة إلى العالم.
العديد من الاتفاقات التى وقعها الرئيسان شى جين بينج وحسن روحانى خلال زيارة الزعيم الصينى للشرق الأوسط فى عام 2016 ستعمل ــ إذا تم تنفيذها ــ على توسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين بمعدل 10 إلى 600 مليار دولار وكذلك تعزيز التعاون العسكرى بشكل ملحوظ.
تشير هذه الاتفاقات إلى ميل الصين تجاه إيران، فى وقت كان يُتوقع فيه تخفيف كبير للعقوبات الأمريكية ضد إيران كجزء من الاتفاقية الدولية لعام 2015، التى قيدت برنامج إيران النووى.
تحطمت هذه الآمال عندما انسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاقية فى عام 2018 وأعاد فرض العقوبات المعوقة. ومنذ ذلك الحين، التزمت الصين بشكل عام بالقيود الأمريكية.
***
زعمت طهران الشهر الماضى أن هناك صفقة بينها وبين بكين من خلال تسريب مسودة نهائية مزعومة لاتفاقية شراكة مدتها 25 عاما يُتصور أن تصل إلى 400 مليار دولار من الاستثمارات الصينية لتطوير قطاعات النفط والغاز والنقل الإيرانية. المشكلة هى أنه لا يوجد شىء نهائى حول هذه المسودة. إنه مجرد بالون تجريبى.
هذه صفقة جيدة بالنسبة لطهران وبكين، حتى لو كانت كلتاهما ترغبان فى التعاون على نطاق أكبر بكثير إذا سمحت الظروف الجيوسياسية بذلك. فى الوقت الحالى، الصفقة ليست جاهزة للتنفيذ، فلا يزال هناك طريق تفاوض طويل لإبرام الاتفاق.
ومن خلال تأجيج الحديث عن اتفاق وشيك بين طهران وبكين، تريد إيران بعث رسالة إلى أوروبا وإدارة بايدن المحتملة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر مفادها أن السياسات الأمريكية والأوروبية قد تدفع الجمهورية الإسلامية إلى أحضان بكين. وعلى الجانب الآخر، استفادت الصين من هذه الخطوة إلا أن ردود أفعالها كانت غير رسمية وغير ملزمة.
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، وهو من دعاة النهج الصينى الأكثر حزما الذى تم تبنيه أخيرا فى الدبلوماسية الصينية، كان لبقا وحنكا بشكل استثنائى فى تعليقه حيث قال: «إن الصين وإيران تتمتعان بصداقة تاريخية، وكان الجانبان على اتصال بشأن تطوير العلاقات الثنائية. وأضاف تشاو: «نحن على استعداد للعمل مع إيران لدفع التعاون العملى بشكل مطرد».
جادل الباحث فى الشرق الأوسط «فان هونجدا» فى صحيفة شنغهاى أوبزرفر، وهى صحيفة ثانوية فى الحزب الشيوعى، بأن الاتفاق، على الرغم من أنه ليس قريبا من التنفيذ، يسلط الضوء على «لحظة مهمة من التطور فى العلاقات بين البلدين» فى وقت سمحت فيه التوترات الأمريكية الصينية لبكين بألا تعر انتباها للسياسات الأمريكية.
كان فان يردد تحذير الصين من أن الولايات المتحدة تخاطر بالكثير من خلال تصعيد التوترات بين أكبر اقتصاديْن فى العالم ويمكن أن تدفع الصين إلى النقطة التى لا تعتبر فيها تكلفة المواجهة مع السياسة الأمريكية أمرا مكلفا ومحظورا.
***
كما كانت رسالة الصين إلى دول الخليج شديدة الوضوح والقوة أيضا. وقد اقترح متخصصون تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة الصينية أن الانكماش الاقتصادى، الذى يؤثر على العلاقات الاقتصادية الصينية فى المنطقة، يمكن أن يدفع بكين إلى مزيد من الحد من التعاون مع دول الخليج خاصة إذا فشلت الأخيرة فى إيجاد طريقة للتعامل مع إيران بطريقة تخفف من حدة التوترات بينهما.
قال نيو شين تشون، مدير دراسات الشرق الأوسط فى معاهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة (CICIR)، التى يُنظر إليها على أنها أكثر المراكز البحثية تأثيرا فى الصين، قال: «بالنسبة للصين، فإن الشرق الأوسط دائما ما يكون على مسافة بعيدة جدا من استراتيجيات الصين العالمية... فيروس كورونا COVIDــ19، بجانب أزمة أسعار النفط، سيغيران الشرق الأوسط بشكل كبير وهذا بدوره سيغير نموذج الاستثمار الصينى فى الشرق الأوسط».
فى يوليو، فى تطور مثير للاهتمام يمكن أن يشير إلى شهية الصين لتقوية علاقاتها الاقتصادية مع إيران (استخدام البطاقة الإيرانية)، استبعدت إيران الهند كشريك فى تطوير خط للسكك الحديدية من ميناء تشابهار المدعوم من الهند بسبب التأخير فى التمويل الهندى. وكانت إدارة ترامب قد أعفت تشابهار من نظام العقوبات.
وافتتح وزير النقل والتنمية الحضرية الإيرانى «محمد إسلامى» أخيرا خط السكة الحديد (أول 628 كيلومترا من الخط)، والذى سيربط فى النهاية تشابهار بأفغانستان. وقال مسئولون إيرانيون إن طهران ستمول خط السكة الحديد بنفسها، لكن الصين وإيران عبرتا عن اهتمامهما بربط تشابهار بميناء جوادر، ميناء بحر العرب المدعوم من الصين، الواقع على بعد 70 كيلومترا من الساحل الباكستانى. وأدى الانكماش الاقتصادى نتيجة للوباء إلى إحياء الشكوك حول جدوى جوادار، وهى جوهرة التاج فى الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى (CPEC) الذى تبلغ قيمته نحو 60 مليار دولار، وهو أكبر استثمار منفرد فى الصين يتعلق بمبادرة طريق الحريرBRI.
***
فى الختام، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترى أن هناك صفقة محتملة بين الصين وإيران قادرة على إحداث تغييرات وشيكة فى قواعد اللعبة، حيث لاتزال إدارة ترامب متمسكة بسياستها طويلة الأمد.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية «ستواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات على الشركات الصينية التى تساعد إيران، أكبر دولة راعية للإرهاب فى العالم».

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved