أحوال صحية مصرية

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 27 سبتمبر 2010 - 9:49 ص بتوقيت القاهرة

 تظل تجاربنا الشخصية دائما أصدق فى الحكم على ما قد يواجهنا جميعا من مواقف قد ترقى إلى تعميمها إلى مشكلات تمس الوطن بأسره. كان لى أن أعاصر فى الأسبوع الماضى واقعة تداعياتها تعكس بجلاء حقيقة القصور فى أوجه الرعاية الصحية التى يمكن أن تطول أى مواطن يتعرض لحادث حتى لو كان طبيبا وتسنى له أن ينقل إلى أشهر مستشفيات البلاد الخاصة فى وقت معقول.

كانت صديقتنا الطبيبة تحتفل بمناسبة خاصة فى منزلها بين صديقاتها اختار الله لها اختبارا قاسيا فسقطت على الأرض بيننا مصابة بكسر واضح فى مفصل كتفها اليسرى كان الألم ضاريا وقرار نقلها للمستشفى هو الحل الوحيد.

وصلت عربة الإسعاف فى أقل من عشرين دقيقة بعد استدعائها مع العربة مسعفين للحق أيضا فى غاية الدماثة والتعاطف مع السيدة المسجاة على الارض تصارع ألما لا يطاق ولا قبل لها به، احدهما يمسك بمثبت بلاستيك للرقبة بالطبع لاقيمة له فى حالتها وإن كان مهما فى حالات حوادث الطرق ويصر على استخدامه زيادة فى الاهتمام. كان من الواضح انهما يجهلان تماما كيف يمكن نقل المصابة فى حالتها الحرجة إلى النقالة ثم إلى الترولى وفى النهاية عربة الاسعاف، فتطوعت مجموعة من الطبيبات زميلاتها بنقلها بصورة سليمة ورافقنها الى المستشفى الاشهر وكلهن ثقة فى أنها ستنال افضل رعاية طبية يمكن الحصول عليها فى مصر.

فى الطريق وحتى يشغلنها عن آلامها الشرسة بدأن فى الحديث مع رجل الاسعاف: خريج آداب فرنساوى يسكن فى المنوفية يعمل اثنتى عشرة ساعة والراحة اثنتا عشرة ساعة يقضيها فى الطريق بين المنوفية والقاهرة ويأمل أن يظل فى مهنته فقط فينتقل للمنوفية حتى يدخر مصاريف الانتقال التى تستهلك راتبه ويظل إلى جوار والدته التى تحتاجه بشدة!

نصل إلى المستشفى الاشهر يستقبلنا نائب العظام ولوجه الحق طبيب بالمعنى الراقى للكلمة هادئ مبتسم وذو علم، أجرى الأشعة فى هدوء والتفت إلى الطبيبة التى تهشمت عظامها فى لحم كتفها قائلا: كنت أتمنى أن يتم فحصك كما طلبت من البداية بالاشعة المقطعية او الرنين المغناطيسى لكن للأسف الجهازان معطلان فى المستشفى!

ظل نائب العظام يتصل بالجراح الشهير رئيس القسم المسئول عن تلك الليلة ليسأله المشورة مرات عديدة وحينما يئس تماما كتب له رسالة! رغم أنه مسئول عن القسم فى تلك الليلة إلا انه فيما يبدو انشغل بشىء اكثر اهمية! خرجت صديقتنا من المستشفى على مسئوليتها الخاصة لتبحث أمر علاجها بطريقتها الخاصة ومعاونة زملائها وزميلاتها ولسان حالها يسأل ماذا لو كنت مدرسة ابتدائى وسقطت بين تلاميذى فى الفصل فى مدرسة رق الغد الابتدائية بمحافظة الدقهلية؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved