أمجاد يا عرب أمجاد

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

آخر تحديث: السبت 27 سبتمبر 2014 - 7:40 ص بتوقيت القاهرة

يعيش العالم العربى عصر الجماعات والميليشيات التى تمتلك السلاح والعتاد وتملك اقتصادًا قد يوازى أو يتفوق على اقتصاد الدولة وتملك أجهزة اتصالات واستخبارات توازى أو تتفوق أحياناً على أجهزة اتصالات واستخبارات الدولة التى تعيش على أرضها!

فهل انتهى عصر الدولة الوطنية فى العالم العربى بعدما انتهى عهد الخلافة والسلطنة من قبل مثل الدولة الأموية والعباسية والأيوبية والمماليك ؟

وهل نحن مقبلون لا محالة على مرحلة الصراع السنى الشيعى أو الصراع العرقى و المذهبى، بديلاً عن الصراع العربى الإسرائيلى الذى ظل متربعاً على عرش العقل والسياسة العربية لمدة 60 عاماً كاملة؟

هذه أسئلة مهمة لا بد أن نجيب عنها بمنتهى الصراحة والوضوح.. وألا نضع رءوسنا فى الرمال ونحن نرى نذر تفكك الدولة الوطنية ماثلاً للعيان.

فداعش هى المسيطرة على مجريات الأمور فى مناطق السنة فى العراق.. وهى تريد أن تتوسع على حساب الأكراد والشيعة شمالاً وجنوباً بل هى تعلن خلافة وتريد من كل الدول والحركات تبعيتها .. قد تكون هناك سذاجة فى ذلك الإعلان؟.. لكن السيطرة على الأرض قائمة .. ولولا دخول أمريكا والغرب على الخط «لكان هناك كلام ثانى» على رأى المعلق «محمد لطيف».

وحزب الله اللبنانى أقوى بكثير من الدولة اللبنانية وجهاز استخباراته أقوى من المخابرات اللبنانية وقد يخترق الأخيرة ولا تخترقه.. ولديه شبكة محمول وتليفونات أرضية ولا سلكية خاصة به.. ولديه جيش أيدلوجى قوى جداً.. فإذا قلت إجمالا إن حزب الله أقوى من الدولة اللبنانية بكثير فإنك لا تكون مخطئاً .. ولولا أن جيش لبنان ما زال باقياً لتفككت تلك الدولة التى تعيش بلا رئيس منذ قرابة عام .

أما اليمن فقد رأى الجميع الحوثيين وقد سيطروا على معظم مدن اليمن واستعرضوا قوتهم وبعض أسلحتهم فى العاصمة وأجبروا الحكومة إجباراً على ما يريدون.. فهم الآن أقوى من الدولة عسكرياً واقتصادياً وإعلامياً وتنظيمياً والفضل فى ذلك للدعم الإيرانى المستمر والمتواصل .. مع نقل تجربة حزب الله إليهم سياسياً وعسكرياً وإعلامياً واقتصادياً واستخباراتيًا .. وهكذا تلحق اليمن بالعراق ولبنان .

أما سوريا فالجيش السورى الحر يسيطر على بعض مناطقها ويتحكم فيها.. والمناطق الأخرى تسيطر عليها جبهة النصرة وهى ابن من أبناء تنظيم القاعدة وشقيق داعش الأصغر برغم ما بينها من جفوة وجفاء ونذر حرب وصدام.. إذا سوريا أيضاً ممزقة بين هؤلاء وهؤلاء.. فالدولة غائبة فى سوريا .. وإذا حضرت ظلمت وبغت وقتلت .. أما الجماعات والميليشيات فتعبث كما تشاء وتحل وتحرم وتقتل وتعفو عمن تشاء دون قواعد ثابتة شأن كل الميليشيات حيث لا ضابط لها ولا رابط .

وفى ليبيا تسيطر عدة ميليشيات على الأرض الليبية وأقواها وأهمها أنصار الشريعة وهى الابن الثالث لتنظيم القاعدة.. ويحوى مثل داعش والنصرة جنسيات عديدة فهى تنظيمات multinational .. وهى تمتلك الأسلحة الثقيلة والمدافع والدبابات .. وتفعل ما تريد وتحكم بما تشاء .. والحكومة والبرلمان هناك مثل الخليفة قديماً لا يملك إلا «الخطبة والسكة» أى الدعاء له على المنبر .. وصورته على العملة .

أما فى مصر فقد ظلت سيناء الشمالية رهينة لمجموعات تكفيرية أهمها «أنصار بيت المقدس» لثلاث سنوات كاملة من ثورة 25 يناير وحتى 30 يونيو .. وبعدها بدأت الدولة المصرية فى خلع جذورها من سيناء .. أما الصومال فحاله شبيه بذلك.

هذا هو العالم العربى .. ولكن يلح علىّ سؤال خطير يحتاج إلى إجابة:

لماذا حدث ذلك كله فى الدول الجمهورية ولم يحدث فى الدول الملكية ؟

ولماذا حدث بعد الربيع العربى؟!

وكيف تقوم مثل هذه الجماعات والميليشيات بهدم الدولة الوطنية وتزعم إقامة الخلافة؟

وهل الخلافة تقوم بهدم الموجود لطلب مفقود لن تحصل عليه بهذه الطريقة أبداً .. هكذا العرب .. يهدم بعضهم الموجود ولا يوجدون المفقود ويريد بعضهم هدم الكون وهو لا يحسن بناء جدار.. وأمجاد يا عرب أمجاد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved