كراهية الأجانب كالعنصرية.. يجب أن تعامل كجريمة

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الجمعة 27 سبتمبر 2019 - 11:20 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للكاتب Themba Masuku يتناول فيه موضوع كراهية الأجانب وضرورة تجريمه نظرا لخطورته على استقرار وأمن المجتمع.
لا تختلف كراهية الأجانب عن العنصرية فى نواح عديدة؛ حيث إن ضحاياه يعانون من أضرار حقيقية.. وأولئك الذين يرتكبون هذه الجرائم يحفزهم التعصب والجهل والكراهية والتى تعتمد على الهويات المختلفة للأفراد. كراهية الأجانب وكراهية الأفارقة ــ أى كراهية الأجانب من البلدان الأفريقية الأخرى ــ هى أشكال مختلفة للعنصرية. ضحايا كراهية الأجانب، كما هو الحال مع ضحايا العنصرية، يتم استبعادهم وتمييزهم وتهميشهم.
على عكس العنصرية، فإن كراهية الأجانب لا تعتبر جريمة فى جنوب أفريقيا. حيث لا يتم توجيه اتهامات إلى الأشخاص المعتقلين أثناء أعمال عنف بسبب كراهية الأجانب بارتكاب جريمة كراهية الأجانب، ولكن بجرائم القانون العام مثل الاعتداء والنهب وتدمير الممتلكات. وأفادت لجنة حقوق الإنسان بجنوب أفريقيا أنه بعد أعمال العنف التى نشبت ضد الأجانب عام 2008 والتى راح ضحيتها ما يقرب من 62 شخصًا وتشريد الآلاف، تم اعتقال 597 شخصًا.. 16 ٪ فقط منهم تم إدانتهم بجرائم الإضرار بالممتلكات وغيرها من جرائم القانون العام.. وكان للمجرمين الخيار بين دفع الغرامة أو الحبس.
إن مكافحة جرائم الكراهية فى جنوب أفريقيا ومشروع قانون خطاب وجرائم الكراهية هو خطوة مهمة نحو تجريم كراهية الأجانب. فبموجب هذا القانون، يعتبر أى فعل ضار أو يحرض على الأذى، أو يشجع على نشر الكراهية ضد الآخر المختلف ــ جريمة قانونية. وعندما يصبح مشروع القانون قانونا، فإن هذا السلوك سوف يعاقب عليه.
لكن مشروع القانون جمد فى البرلمان الخامس، الذى أغلق فى مارس من هذا العام. وبالنظر إلى تصاعد كراهية الأجانب فى جنوب أفريقيا، فإن هناك حاجة ملحة لإحيائه، وأعلن وزير العدل والتنمية الدستورية رونالد لامولا بإحياء مشروع القانون كأولوية ضمن جهود الحكومة لتجريم العنصرية وجرائم الكراهية الأخرى.
***
وعلى عكس ما أعلنته الحكومة من أن معظم سكان جنوب إفريقيا ليسوا من كارهى الأجانب، وجد مجلس أبحاث العلوم الإنسانية فى عام 2008 أن 62٪ من السكان يوافقون على القول بأن المهاجرين كانوا سببا فى زيادة معدلات الجريمة وفى عام 2016، وافق حوالى 66٪ على ذلك.
وفى دراسة أخرى، أجراها معهد العدالة والمصالحة فى عام 2017 أظهرت زيادة كراهية الأجانب بين مواطنى جنوب إفريقيا. وكانت النتائج أن 56٪ من مواطنى جنوب أفريقيا لا يثقون بمواطنين أفارقة من دول أخرى و40٪ أعلنوا أنهم سيتصرفون ضد الأجانب الذين بدأوا أعمالًا تجارية.. وهذه المواقف تتعارض مع دستور جنوب إفريقيا. وتم تقديم عدة أسباب لتفسير كراهية الأجانب فى جنوب إفريقيا.. ومنها أن الأجانب يوفرون عمالة رخيصة، ويبيعون سلعهم بأسعار أقل من السكان المحليين، ويتسببون فى الجرائم ويتنافسون مع السكان المحليين على الموارد الشحيحة. وبالطبع لا يتم التمييز بين إذا كان الرعايا الأجانب موجودين فى البلد بشكل قانونى أو غير قانونى أو لأنهم لاجئون.
ومن ثم فإن أولئك الذين يعتقدون أن ظروفهم قد تأثرت سلبًا بسبب الأجانب يميلون إلى الشعور بالغضب الشديد تجاههم. ويتم استغلال هذا الغضب من قبل بعض السياسيين الذين يتطلعون إلى صرف الانتباه عن فشلهم فى الوفاء بمطالب الشعب.. بالإضافة إلى الشبكات الإجرامية التى تسعى إلى خلق بيئة فوضوية.
ومن ثم تظهر الحاجة إلى استراتيجيات متعددة لوقف كراهية الأجانب. حيث إن دعوات الحكومة لمراقبة صارمة للحدود، واللوائح الصارمة على الشركات التى يديرها الأجانب، والاعتقالات والترحيل الجماعى للأجانب غير الشرعيين لم تنجح فى الماضى.
كما أنها أدت إلى المشاعر المعادية للأجانب لأنها تصور الأجانب الأفارقة باعتبارهم يمثلون إشكالية. وعندما تظهر الحكومة على أنها «فاشلة» فى «التعامل» مع الأجانب، غالبًا ما تستخدم المجتمعات المتضررة هذه الإخفاقات كذريعة لارتكاب جرائم عنف ضد الأجانب.
التدخلات الحكومية الحالية لا تعالج الأسباب الجذرية المعقدة لكراهية الأجانب. وبدلا من العمل ضد التصورات السلبية والضارة، فإن العديد من السياسيين يفعلون العكس. وقد ربط عمدة جوهانسبرج مرارا إخفاقات المدينة بالأجانب غير الشرعيين.
وبالطبع مثل هذه البيانات تغذى المشاعر المعادية للأجانب. ويسعى مشروع قانون جرائم وخطاب الكراهية إلى معالجة مشكلة المسئولين الحكوميين الذين يجعلون الأجانب كبش فداء لفشلهم فى تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. فعندما يصبح مشروع القانون قانونًا، سوف يعاقب على مثل هذه التصريحات والإجراءات.
كراهية الأجانب وجرائم العنف الناتجة عنها لها تأثير سلبى على جنوب إفريقيا، فى الداخل والخارج على السواء. ومن ثم فإن الهجمات الانتقامية الأخيرة على الشركات المملوكة لجنوب إفريقيا والتى تعمل فى بلدان إفريقية أخرى قد بعثت برسالة قوية من القارة مفادها أنه لن يتم التسامح مع الجرائم الناتجة عن كراهية الأجانب.
إذا كانت حكومة جنوب إفريقيا جادة فى إنهاء ذلك، فيجب وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون جرائم وخطاب الكراهية. لا يمكن للبلاد أن تعيش بمفردها ــ إنها بحاجة إلى التكامل مع بقية إفريقيا.. وإذا كان الوعد الدستورى بأن جنوب إفريقيا ملك لكل من يعيشون فيها، فيجب أن يتم تجريم كراهية الأجانب كالعنصرية.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved