أفريكوم تبحث عن موطن جديد لمقر قيادتها

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الأحد 27 سبتمبر 2020 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع The Institute for Security Studies مقالا للكاتب Peter Fabricius، تحدث فيه عن سبب اتخاذ ترامب قرارا بنقل مقر تمركز القوات الأمريكية من ألمانيا، وما هى السيناريوهات المتاحة أمام ترامب.. نعرض منه ما يلى.

عندما سعى البنتاغون إلى تحديد موقع قواته الأفريقية المشكلة حديثًا (أفريكوم) فى مكان ما فى أفريقيا فى عام 2007، ورد أن بوتسوانا وليبيريا حريصة على استضافتها. لكن رئيس جنوب أفريقيا آنذاك ثابو مبيكى ووزير دفاعه موسيووا ليكوتا حشدوا القارة لمعارضة الخطوة. وقالوا إن ذلك سيشكل انتهاكًا غير مقبول لسيادة أفريقيا.
تراجعت الولايات المتحدة فى نهاية المطاف واختارت بدلا من ذلك شتوتغارت، عاصمة ولاية بادن فورتمبرغ فى جنوب ألمانيا، مقرا لقوات «أفريكوم» لتدير العمليات العسكرية الأمريكية فى أفريقيا. والآن تبحث أفريكوم عن موطن جديد.
ففى يوليو من هذا العام، أعلن قائد أفريكوم، الجنرال ستيفن تاونسند أنه: «تم إخطار القيادة الأمريكية فى أفريقيا بالاستعداد للتحرك». وسيكون هذا جزءًا من خطة البنتاغون لسحب 12000 جندى من ألمانيا بعد أن قرر الرئيس دونالد ترامب تقليص عدد القوات الأمريكية هناك. استند موقف ترامب على أن برلين لم تكن تفى بالتزامها الدفاعى لمنظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) بإنفاق ما لا يقل عن 2٪ من إجمالى ناتجها المحلى على جيشها.
***
قال تاونسند إن أفريكوم تبحث عن موقع جديد سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة. وبحسب ما ورد قال المسئولون سرا إن القيادة لا تبحث عن مقر جديد فى أفريقيا. وسبب ذلك على ما يبدو أن الولايات المتحدة تريد تجنب انطباع قد يؤخذ عليها بأنها تعمل على عسكرة علاقاتها مع القارة.
كما قال جود ديفيرمونت، رئيس برنامج أفريقيا فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن: «إذا تم نقل أفريكوم، فمن المرجح أن تنتقل إلى أوروبا أو الولايات المتحدة أكثر من انتقالها إلى دولة أفريقية. فعندما تم إنشاء أفريكوم، كان هناك عدد قليل من المستفيدين الأفارقة، وأظن أنه لا يزال هناك اهتمام محدود باستضافة عدد كبير من القوات الأمريكية. على العموم، إذا بقيت القوات فى أوروبا، فإن بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة مرشحون محتملون لاستضافة القوات».
ولكن إذا كان هناك أى أفارقة مستفيدين من تمركز القوات فى القارة السمراء، فعندها سيكون الانتقال إلى القارة منطقيًا. ومع ذلك، ربما يعارض البنتاغون ذلك بسبب الجدل الضخم الحادث فى عام 2007.
رغم ذلك هناك مفارقة كبيرة فى الوقت الراهن. فإذا اعتقد مبيكى وليكوتا وآخرون أن إبقاء التمركز فى الخارج سيجعل الوجود العسكرى الأمريكى فى مأزق أو غير قوى، فإنهم كانوا مخطئين. فعلى العكس من ذلك، انتشر النشاط العسكرى الأمريكي ــ والأجنبي ــ فى أفريقيا.
فوفقًا لمعهد الدراسات الأمنية (ISS)، تمتلك 13 دولة أجنبية الآن وجودًا عسكريًا معروفًا فى أفريقيا، يتركز معظمها فى القرن الأفريقى حيث توجد 11 قاعدة عسكرية. وتقول ISS إن الولايات المتحدة وفرنسا لديهما أكبر عدد من القوات. كما نقلت عن وزارة الدفاع الفرنسية قولها إن لدى فرنسا ما يقدر بنحو 7550 من الأفراد العسكريين المنتشرين فى جميع أنحاء القارة (باستثناء عمليات الأمم المتحدة).
وتقدر مصادر أخرى أن الولايات المتحدة لديها حوالى 7000 جندى خاص متناوبين فى أفريقيا، يقومون بعمليات مشتركة مع الجيوش الوطنية ضد المتطرفين. ويقوم 2000 جندى آخر بمهام تدريبية فى حوالى 40 دولة أفريقية.
جيبوتى، بموقعها الاستراتيجى على البحر الأحمر والمطلة على مضيق المندب، هى مركز هذا الوجود العسكرى الأجنبى. وهى تستضيف سبعة جيوش ومعظم القواعد العسكرية الـ11 فى القرن الإفريقى. ويقول موقع The Intercept إن أفريكوم لديها الآن 15 قاعدة «دائمة» و12 قاعدة «غير دائمة» أو «طوارئ» فى أفريقيا.
***
للجيوش الأجنبية دوافع مختلفة للقدوم إلى أفريقيا. البعض لا علاقة له بالقارة ــ مثل استخدام الولايات المتحدة لجيبوتى أو استخدام الإمارات العربية المتحدة لإريتريا كمنصات انطلاق لعمليات ضد الحوثيين فى اليمن. بينما بعض القوات الأجنبية تساعد فى محاربة المتطرفين العنيفين.
على الجانب الإفريقى، تتنوع الدوافع بنفس القدر. فهناك بعض القادة يستخدمون الجيوش الأجنبية لدعمهم أو ببساطة لكسب المال، على سبيل المثال فرنسا فى تشاد وروسيا فى جمهورية أفريقيا الوسطى. لكن هناك بعض الدول التى تحتاج إلى الجنود الأجانب للمساعدة فى كبح التطرف العنيف، وهو هدف يستفيد منه الجميع. أضف إلى ذلك أن الجيوش الوطنية غير كافية والقوة الاحتياطية القارية ليست شيئا حقيقيا، كل ذلك قد يساهم فى زيادة الوجود العسكرى الأجنبى.
أما على المستوى القارى، يبدو الموقف من الوجود العسكرى الأجنبى مؤقتًا إلى حد ما. فالاتحاد الأفريقى يعارض بشكل رسمى القواعد العسكرية الأجنبية. لكن مجلس السلام والأمن التابع له أصدر بيانًا وسطيا فى أبريل 2016 دعا فيه الدول الأعضاء إلى توخى الحذر عند «الدخول فى اتفاقيات» من شأنها أن تؤدى إلى إنشاء قواعد أجنبية فى بلدانهم.
بالنظر إلى حقيقة الاعتماد الكبير على الدعم الخارجى، لا يسع المرء إلا أن يسأل عما إذا كان نقل أفريكوم إلى أفريقيا سيكون فى مصلحة القارة أكثر. وعليه، يعتقد البعض أن مثل هذه الخطوة لن تكون أكثر من خطوة رمزية. فمقر أفريكوم ليس أكثر من مركز إدارى يمكن أن يوجد فى أى مكان.
***
يقول أحد مراقبى الاتحاد الأفريقى: «إن أفريكوم مندمجة بعمق فى الاتحاد الأفريقى. لها ملحق بإدارة السلم والأمن التابع للاتحاد. لديها وحدة فى السفارة الأمريكية تركز بشكل خاص على الاتحاد الأفريقى الذى شارك بشكل كبير فى إعلان عدد من سياسات الاتحاد الأفريقى خاصة فيما يتعلق بالأمن البحرى، وأمن الساحل، ونشر عدد من الدوريات. كما قامت بإلحاق موظفين فى وحدة الإنذار المبكر التابعة للاتحاد الأفريقى وقسم عمليات دعم السلام».
باختصار، ثمة احتمال ألا تنتقل أفريكوم من ألمانيا بعد كل ذلك. فيبدو أن الدافع وراء مثل هذه الخطوة هو قلق ترامب الخاص بشأن عدم دفع ألمانيا مستحقاتها للناتو. لذا إذا هُزم فى الانتخابات الرئاسية فى 3 نوفمبر القادم، فربما لن يحدث أى من ذلك على الإطلاق.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد.

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved