نساء العراق.. أصول وفصول

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 27 سبتمبر 2020 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الاتحاد مقالا للكاتب محمد عارف عرض فيه بحثا للكاتب الأكاديمى صباح الناصرى والذى استعرض فيه فصول من تاريخ نساء العراق قديما وحديثا.. نعرض منه ما يلى.

عندما نتعرف على أقدم صفحات تاريخ نساء العراق، ندرك أن الوضع البائس الحالى فى العراق، الذى فرض الحجاب على النساء والبلد، وضع زائل، وستلعب النساء دورا أساسيا فى إزالته، البحث الذى نشره أخيرا الباحث الأكاديمى العراقى المختص فى تاريخ العراق «صباح الناصرى»، يضم معلومات ملهمة عن نساء العراق الخالدُ ذكرهن فى التاريخ، وبينهن أقدم ملكات العراق، وهى «كوغ باو»، التى ارتقت العرش عام 2500 قبل الميلاد، ودام حكمها مائة عام، حسب أساطير عنها، جعلتها تصبح من آلهات سومر.
و«سميراميس» ثانى امرأة تتولى الحكم فى العراق القديم، وأولى ملكات بابل، والتى شيدتها بنفسها، وأصبحت من أشهر نساء التاريخ، وتذكر أساطير أحاطت حياتها، أن حمامات تكفلت بتغذيتها وهى رضيعة متروكة فى البرارى، بسرقة الحليب واللبن من الفلاحين، ثم عثر عليها أحد الرعاة، وتبنّاها وصارت فتاة رائعة الجمال، فُتِنَ بمرآها الملك الآشورى، وخلبت لبّه بذكائها الخارق، وتزوجها وساعدته نصائحها على تحقيق انتصارات عظيمة، استعصت على الجيش الآشورى، وبعد وفاته أصبحت وصية على ابنهما، وحكمت نيابة عنه، وفتحت البلاد المحيطة بآشور وبابل، من مصر إلى الهند، وتذكر الأساطير عنها أنها تحولت عند وفاتها إلى حمامة طارت فى الفضاء، وألهمت قصتُها فنانين عالميين رسموا لوحات عنها، منها لوحة «سميراميس تُشيّدُ مدينة بابل»، للفنان الفرنسى «أدغار دُغا»، المعروضة فى متحف «أوراسيا» فى باريس.
و«نقيّة المتحكمة بالملوك»، عنوان بحث الناصرى المنشور فى مدوّنته «بين دجلة والفرات»، و«نقيّة زكوة» أهم ملكات العراق القديم، زوجة الإمبراطور الآشورى «سنحاريب»، الذى تصوره الجداريات بلحيته المجعَّدة، وقامته العملاقة الممشوقة، و«نقية زكوة» ليست الزوجة الأولى لـ«سنحاريب»، لكنها أكثر زوجاته سلطة، وأفلحت فى تعيين ابنها «عسر حدون» وليا للعهد، وعندما شعرت بالخطر الذى يتعرض له ابنها من منافسيه على الحكم، نصحته بأن يبتعد عن العاصمة نينوى، ويجمع مناصريه ويعود بهم ليساندوه فى ارتقاء العرش، وعندما قتل «سنحاريب» وساد النزاع والفوضى البلد، تخطّت أمه «نقية زكوة» العراقيل، ووضعت ابنها على العرش، وأجبرت جميع الحكام المحليين والأجانب على الاعتراف بملكه، وتوجد منحوتة من البرونز تصور الملك «عسر حدون»، وتقف خلفه أمه، التى أقنعت ابنها بإعادة بناء «بابل»، وكان قد دمرها أبوه سنحاريب بعد ثوراتها عليه، وتدبرت بحكمتها إعادة بنائها وإقامة السلام بين شمال وجنوب العراق، والذى يختلط، كما هو الآن، بالنزاع مع «العيلاميين» فى إيران.
وأحدث فصول نساء العراق على الصعيد العالمى، تكتبها مهندسات وعالمات، فى المغرب تجرى الاستعدادات لافتتاح «مسرح الرباط الكبير»، أضخم مسرح فى العالم العربى وأفريقيا، صمّمته المهندسة المعمارية العراقية الراحلة زهاء حديد، وتبلغ مساحته 47 ألف متر مربع، وكلفته 100 مليون يورو، ويتناغم تصميمه مع نهر أبو رقراق، حيث يقع على ضفته، وتلتف قاعاته مصممة مبنى آخر منحوتا، تتسامق خطوطه مع أراضى الطبيعة المحيطة وتعود مرة أخرى إلى الأرض، وهو واحد من أعمال عدة صممتها زهاء يتواصل افتتاحها حول العالم.
وزينب البحرانى، أستاذة علم الآثار وتاريخ الفنون فى جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة، والتى عادت للعراق إثر غزوه عام 2003، وقصدت مناطق أثرية حوّلتها القوات الأمريكية إلى مرآب للعربات الحربية طالبةً منهم مغادرتها، واشتهرت البحرانى بكتبها عن تاريخ العراق وحضاراته، بينها كتاب «بلاد ما بين النهرين» عن دار نشر الفنون العالمية «تيمس آند هدسن»، وكتاب «طقوس الحرب»، ويتناول «الجسد والعنف فى بلاد ما بين النهرين». وتفتتح الفصل الأول من أشهر كتبها عن «نساء بابل» بالعبارة التالية لعالم النفس فرويد، والتى قد تنفع من يتعذر عليه فهم نساء العراق والنساء عموما: «عبر التاريخ استعصى على الناس فهم معضلة طبيعة الأنوثة، لا ولن تتجنب أن تقلقك هذه المشكلة، من كان رجالا منكم ونساء، أنت نفسك المشكلة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved