«الاقتصاد من أجل السلام» فكرة حمقاء

مواقع يهودية
مواقع يهودية

آخر تحديث: الإثنين 27 سبتمبر 2021 - 7:05 م بتوقيت القاهرة

نشر مركز بيجن ــ سادات للدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتب دورون ماتزا، يقول فيه إن الأمل فى أن يؤدى التيسير الاقتصادى على قطاع غزة إلى تخفيف إرهاب حماس هو محاولة خاطئة لإدارة الصراع ويشبه هذا النهج إلى حد كبير وهم اتفاقية أوسلو، التى افترضت أن انسحاب إسرائيل من أراضٍ فى الضفة الغربية وقطاع غزة لمنظمة التحرير الفلسطينية سيحقق السلام مع الجانب الفلسطينى... نعرض منه ما يلى.
مقتل ضابط حرس الحدود الرقيب باريل حضرية شمولى على أيدى حماس، بعد إطلاق النار عليه من مسافة قريبة، لا يعكس فقط خطأ تكتيكيا خطيرا من قبل الجيش الإسرائيلى، بل يعكس تشويها استراتيجيا. بمعنى أن إسرائيل، مثل الولايات المتحدة فى السياق الإيرانى، تتوق إلى تسوية مع حماس. لكن فى كلتا الحالتين، تكشف هذه الرغبة عن عدم القدرة على الإدراك الدقيق لطبيعة ونوايا العدو.
هذه التشوه الاستراتيجى يذكرنا بشكل كبير بالفشل الإسرائيلى فى فهم ياسر عرفات وتصور منظمة التحرير الفلسطينية لـ«السلام». ففى أوائل التسعينيات، تبنت إسرائيل مفهوم «الأرض مقابل السلام»، والذى بموجبه كان من المتوقع أن يؤدى انسحاب إسرائيل من أراضٍ فى الضفة الغربية وقطاع غزة إلى إنهاء التشدد الفلسطينى والدخول فى عهد جديد من السلام. ومع ذلك، عندما قدمت إسرائيل لعرفات عرضًا سخيا، تنازلات عن أراضٍ، رد بـ«انتفاضة الأقصى». أدى هذا فى النهاية إلى الانهيار الكامل لعملية أوسلو.
إن قرار عرفات برفض عرض إسرائيل للسلام أوضح أن الحركة الوطنية الفلسطينية لم تكن تكافح لتحقيق تسوية سياسية. بل كانت، ولا تزال، تشن حملة طويلة الأمد هدفها النهائى هو تدمير دولة إسرائيل بالكامل.
بعد عشرين عامًا من انهيار هذه العملية السياسية، تصر إسرائيل الآن على تكرار نفس الخطأ بالضبط تجاه حماس، بفكرة أن «التسوية الاقتصادية» ستحل محل التسوية السياسية. بمعنى أن التيسير الاقتصادى والتخفيف الجزئى لما يسمى «الحصار» الإسرائيلى على قطاع غزة يهدفان إلى تشجيع حماس وجميع الفصائل الفلسطينية الأخرى فى غزة على إلقاء أسلحتهم وإقامة سلام مع إسرائيل.
فى السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الفكرة حجر الزاوية فى سياسة إسرائيل تجاه غزة، تماشيا مع إحجام إسرائيل عن الانخراط فى مزيد من الحملات العسكرية البرية فى القطاع. وأصبح ارتباط إسرائيل بهذه الفكرة المضللة كبيرًا لدرجة أنها بدأت فى تشويه صورة إرهاب حماس على أنه «عصيان» لا علاقة له بهدف المنظمة الرسمى المتمثل فى تدمير الدولة اليهودية، وهو ما لا تحاول حماس إخفاءه!.
حتى عنف حماس تجاه إسرائيل فى مايو الماضى لا يمكن أن يغير هذه النظرة لدى الجانب الإسرائيلى بل على العكس من ذلك: فقد رسخ الافتراض بأن التسوية الاقتصادية ممكنة. يكشف هذا التصور أن إسرائيل لم تستوعب بعد حقيقة أنه مثل منظمة التحرير الفلسطينية، التى لم تكن لتقبل بوجود إسرائيل بأى شكل وعبرت عن وجهة النظر هذه بالعنف حتى وهى تتظاهر بالتفاوض، فإن استراتيجية حماس تقوم على مزيج من المفاوضات والإرهاب. هذا المزيج من الاستعداد الزائف للتفاوض والسلوك العنيف المستمر يميز إيران أيضًا فى علاقاتها مع الولايات المتحدة أثناء محاولاتها شق طريقها نحو امتلاك سلاح نووى. عموما، هذا المزيج يمثل نهج الكيانات الإرهابية لأن أعداءها، سواء كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل، يظلون ملتزمين بفكرة «إما/أو» فإما أن تكون الحرب أو تقديم تنازلات كطريق نحو السلام.
باختصار، لا يوجد فرق جوهرى بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس. إنهم يشعرون بنفس الشعور تجاه إسرائيل والهدف هو تدمير إسرائيل الكامل. ومع ذلك، فإن إسرائيل تكرر أخطاءها من خلال فرض أنماط التفكير نفسها على أعدائها.
صفوة القول، الحماقة السياسية ليست قدرًا. لقد حان الوقت لكى تستيقظ إسرائيل وتدرك أن التيسير الاقتصادى على قطاع غزة لا يحمل أى وعد على الإطلاق بسلام آمن.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved