بصمات الموساد و«فلول» داعش

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 27 نوفمبر 2017 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

قد لا نستطيع أن نجد أى بصمات إسرائيلية واضحة خلف مجزرة مسجد الروضة بسيناء، ولكننا بالتأكيد يمكننا رؤية ما يقدمه هذا الحادث الإرهابى لتحقيق مصالح دوائر صهيونية تستهدف تفريغ سكان أجزاء من سيناء من أهلها، لتمهيد الطريق لتوطين فلسطينيى الضفة الغربية بها، كما أعلنت ذلك صراحة جيلا جمليئيل وزيرة المساواة الاجتماعية فى حكومة نتنياهو قبل عدة أيام من وقوع الحادث!.

كبار شيوخ قبائل سيناء لديهم قناعات راسخة بأن الموساد وراء حادث الروضة، ليس لتوطين الفلسطينيين بها، ولكن لهدف آخر هو تسهيل هجومهم على مصر إذا اندلعت لأى سبب من الأسباب الحرب بين البلدين، حيث طالب الشيخ عارف العكور المتحدث باسم قبائل سيناء فى لقاء تليفزيونى ألا نخبئ رءوسنا فى الرمال، ونقر بأن إسرائيل تقف وراء كل أحداث العنف والإرهاب فى سيناء.

إذا ما أخذنا تصريحات الوزيرة الإسرائيلية والشيخ السيناوى فى الاعتبار، فسوف نجد رابطا مشتركا يؤكد أن حادث الروضة هذا يقدم «خدمات جليلة» لإسرائيل أو على الأقل لدوائر متشددة داخل إسرائيل، تستهدف بناء دولة يهودية صافية العرق فى فلسطين المحتلة، وتذليل جميع الصعوبات التى تعترض تحقيق هذا الهدف، فى وقت ترتفع فيه أصوات داخل إسرائيل تطالب بتغيير عقيدة الجيش المصرى من الاستعداد لمواجهة أى عدوان أو تهديد إسرائيلى، إلى إعادة تأهيله وتنظيمه لشن الحرب على الإرهاب، كما قال ذلك صراحة السفير الإسرائيلى الأسبق فى مصر إسحاق ليفانون، عقب الحادث مباشرة.

غباء وحماقة داعش، أو فلولها التى هربت من سوريا والعراق، أو أيا كان التنظيم الذى نفذ المجزرة، تتعدى حدود فقدان حضانته السكانية فى سيناء، وإشعال غضب الأهالى هناك ضده، وإعلانهم الاستعداد لمحاربته مع الجيش والشرطة، إلى إثارة الشبهات حول اعتبار التنظيم ذراعا عسكرية لدوائر صهيونية متطرفة تنفذ من خلاله أعمالها القذرة بدون أن تتحمل وزرها علانية، لأن الظروف الراهنة فى المنطقة التى تغلى بالأزمات وصيحات الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، لن تسمح بالبحث الجاد عن العلاقات السرية والمعقدة التى قد تربط التنظيم بهذه الدوائر!

داعش الذى دخل فى مواجهة مسلحة مع تنظيم القاعدة فى سيناء منذ أسبوعين وفقد على إثرها أربعة من مقاتليه، بسبب لرفض القاعدة استهدافه المدنيين واتهامها للتنظيم بأنه يضم خوارج العصر، أصبح متورطا فى القتال فى جبهة جديدة تزيد المشهد فى سيناء تعقيدا فوق تعقيده، فى وقت يحذر فيه خبراء من عمليات إرهابية فى صحرائنا الغربية تخطط لتنفيذها تنظيمات متطرفة تتواجد فى ليبيا.

إضافة إلى كل تلك التعقيدات والتهديدات التى تواجهها السلطة فى مصر، هناك أزمات اقتصادية ومعيشية طاحنة تكابدها الغالبية العظمى من المصريين، وهناك انتخابات رئاسية فى الأفق القريب من المتوقع أن تجرى فى مناخ قد لا يوفر الحد الأدنى من طموحات المطالبين بإصلاحات سياسية فى مجال الحريات وحقوق الإنسان، بل وترتفع بشأنها دعوات المقاطعة!

فى مثل هذه الأوضاع، تبدو التحذيرات من زيادة الأعمال الإرهابية وما قد يتبعها من انفجارات اجتماعية سيناريو مطروحا بشدة فى المستقبل القريب، وهو ما يفرض على السلطة فى مصر البحث عن استراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب، وعدم الاعتماد على الحلول الأمنية وحدها، بل بالتوجه ناحية الإصلاحات الديمقراطية، وتخفيف الأعباء المعيشية على الفقراء ومحدودى الدخل، والادراك بان الحرب ،على الإرهاب لابد ان يرافقها أفق سياسى يشارك فى صنعه كل المصريين، حتي يمكننا حصار الإرهاب وتجفيف منابعه.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved