شغف أحمد رشوان غير «قابل للكسر»

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الجمعة 27 نوفمبر 2020 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

تحدٍ كبير بداخل المخرج أحمد رشوان فى عمل ما يحلم به من أفلام، رغم الظروف القاسية التى تحاصره وجيله من السينمائيين المستقلين، وخاصة فى تلك الحقبة من عمر السينما المصرية.
فهو كأحد الواعدين الذين تأكد تجربته السينمائية عبر أعماله الأولى: القصيرة، والوثائقية، وفيلمه الروائى الطويل «بصرة» ـ يؤمن بضرورة تواجده وتحقيق مشاريعه ولو على فترات طويلة.
وفى محاولته للخروج من عنق الزجاجة يأتى فيلمه الجديد «قابل للكسر»، والذى يواصل فيه بواقعية شفافة رؤيته الذاتيه لواقع اجتماعى تعيشه شخصياته، والتى نسج خيوطها ككاتب للسيناريو، ورغم تعدد صفاتهم واختلاف أفكارهم، إلا أنهم يلتقون فى برواز واحد من المتاهة والغربة قبل أن يمسكوا باللحظة التى يكتشفون معها أنفسهم وأيامهم من جديد.

طرح أحمد رشوان عبر سرد درامى بسيط تساؤلات قفزت من نظرات وقلق وهواجس شخصياته، فى مقدمتها.. هل ضللنا الطريق لتصبح حياتنا بلا معنى؟، هل نعيش أحلاما وهمية؟، هل الصدق فى الحياة أصبح عنصرا مؤلما جالبا للمشاكل؟.. هى التساؤلات التى تمحورت فى رحلة شخصيتنا الرئيسية المحركة للأحداث نانسى التى جسدتها حنان مطاوع، تلك الفتاة التى تستعد للسفر بعد عدة أيام لتلحق بأسرتها المهاجرة فى كندا، وهنا يرصد الفيلم آخر 3 أيام فى حياتها بالقاهرة، وخلال تلك الأيام تمر بكثير من الأحداث المتشابكة التى تربط بين من حولها والمتغيرات الاجتماعية بشكل عام.
يسرد السيناريو ببساطة علاقتها بشخصيات أخرى، منهم خطيبها السابق وما زالت تربطهما مشاعر طيبة يجسده المخرج نفسه، وصديقتها المقربة لبنى «رانيا شاهين»، التى تمثل حالة اجتماعية مؤرقة، وقد فرض عليها الجواز من رجل لا تريده اختارته امها من باب «ضل راجل» لينفق على أسرتها التى تعانى ماديا، وتحاول لبنى التخلص من حملها بالإجهاض حتى تنهى أى شىء يربطها بهذا الرجل بعد الطلاق.

وهناك أيضا حسين «خالد خطاب» الشاب الذى تنمو بينه وبين نانسى علاقة عاطفية غير مكتملة، لم يقبلها الزمن، بينما تقع فتاة أخرى فى غرامه، هى ليلى أو «فاطمة عادل»، ونسج رشوان صدمات تلك العلاقات التى توحد معها المشاهد بوجدانه، وكم كانت النهاية ملهمة، وكأنها الخلاص حيث تستعد نانسى للسفر إلى اسرتها، وتودع الأماكن التى تحبها وكذلك المشاكل والاصدقاء.
الصورة واقعية فى ملمحها وتلك ميزة رغم حدود المكان داخل الفيلم، وعلى مستوى الأداء قدمت حنان مطاوع بتلقائيتها المعهودة دورا موحيا لجيل هاجر مبكرا وما زال حائرا بين الحنين للوطن بذكرياته والخروج لعالم آخر، وذلك بلا شعارات ولا صوت عال ولا انفعالات مبالغ فيها.. تقول كل شىء رغم أنها شخصية مقتصدة فى مشاعرها وهذا ما يعد تحديا للمثل.
بجانب حنان مطاوع ورانيا شاهين وفاطمة عادل، استعان ايضا المخرج بعدد من الوجوه الجديدة فى ادوار رئيسية وثانوية مثل عمرو جمال، والشاب الواعد خالد خطاب، وكريم العطار، وناجى شحاتة، وتونى روبرت، وهند أكرم، ومحمد الموجى، الذى يلعب دور مجنون الشارع، وجميعهم اجتهدوا وفق المناخ الدرامى المتاح.
شغف احمد رشوان بهذه النوعية من الاعمال وسعيه لخروجها للنور رغم ما بها من تحدٍ كبير يتمثل فى الحفاظ على متابعة الجمهور لها فى ظل الامكانيات الإنتاجية القليلة، والتى يعانى منها جيل بأكمله درس وتتلمذ وغامر من اجل العبور بعالمه للشاشة الكبيرة.
نعم خطواته قليلة لكن بها مذاق خاص.. وهو شغف غير «قابل للكسر».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved