هل نعيد للفتوى هيبتها؟

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 27 ديسمبر 2015 - 11:05 م بتوقيت القاهرة

بين فترة وأخرى تصدر فتاوى غريبة وشاذة بالمفهوم الدينى.. فى السابق كانت تلك الفتاوى تصدر بين وقت وآخر، بمعنى أنها تأخذ دورتها الزمنية لضعف قنوات التوصيل، ومع اتساع شبكات التواصل الاجتماعى وسهولة تناقلها باتت تأتينا بشكل يومى تقريبا فتاوى لا تستقيم مع ضوابط الفتوى ولا المقصد منها.. فتاوى تنافس تغريدات المتفرغين لتويتر..
بعض تلك الفتاوى تشعرك أن قائلها لا يعرف أبجديات الفتوى.. فما بالك بفقه الواقع.. أبسط أبجديات الإفتاء يفترض إدراك المفتى لضرورة الاستناد للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأن يتخلص من أهوائه ورغباته الشخصية.
بداية، لابد من إعادة النظر فى تلك الأحكام والفتاوى التى باتت تتسرب من أفواه البعض بطريقة غير موضوعية، ولابد أن يتذكر هؤلاء أنهم ينطلقون من بلاد الحرمين ما يضاعف من مسئوليتهم أمام المجتمعات الإسلامية على وجه العموم.
على المفتى أن تكون فتواه خالصة لله عز وجل ولا تخضع للأهواء الشخصية أو التفكير الرغبوى وأن تأخذ بزمام مقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصا تحقيق المنفعة ورفع الضرر وحماية الكليات الخمس (الدين، النسل، النفس، المال، العرض).
قدرة المفتى على استيعاب المتغيرات والتعامل معها برؤية إسلامية واعية ومعاصرة لا تخل بثوابت الدين الإسلامى..
حين تأتى فتوى تحرم ميكى ماوس وأخرى تشير إلى أن الرجل عورة كله إلا وجهه ويديه.. وآخر يذكرنا أن الاختلاط فى المقابر بين الأموات محرم.. وفتوى أخرى تؤكد أن الميت فى بلاد الكفار مآله النار، وآخر يبيح للمبتعثين الزواج بنية الطلاق.. وخلافه من فتاوى لا يمكن اعتبارها مناسبة أو مرتكزة على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.. وهو ما يعنى أننا أمام حالة من فقدان الوعى لمعنى وأهمية الفتوى التى هى أهم أدوات الاجتهاد الذى من خلاله تتحقق ديمومة الإسلام وصلاحه لكل زمان ومكان.
الفتاوى سابقا كانت تموت فى مجلس وحلقة قائلها ولا تزيد دائرتها على مئات الأشخاص ممن حضروا حلقة الذكر أو المحاضرة.. اليوم باتت تنطلق بسرعة الصاروخ فى العالم وتتناقلها وكالات الأنباء العالمية بل إنها باتت تشكل حيزا مهما من صورتنا عالميا.. وهى بتلك الفتاوى صورة غير إيجابية خصوصا تلك الطروحات المتشددة أو المسفهة للعلوم المثبتة بقوانين ونظريات متفق عليها، ومنتج مادى نافع للإنسانية عامة..
فى الوقت الذى تقود فيه المملكة العربية السعودية تحالفا إسلاميا لمحاربة الإرهاب فكريا وعسكريا نجد للأسف بعض علمائنا يؤكدون أن هؤلاء الدواعش إخوة بغوا علينا..!
والخطير أن بعض تلك الفتاوى تحمل فكرا متشددا يتوافق مع ثقافة العنف والكراهية والإقصاء.. مع ملاحظة أن أغلب تلك الفتاوى الشاذة تأخذ بناصية التحريم وخصوصا فى الشأن النسائى ما جعل بعضهم يبالغ فى تكريس ثقافة إقصاء النساء حيث اعتبر دخولها المجلس البلدى محرما وعملها فى مهنة المحاسبات فى الأسواق العامة مكروها، بينما لم يجد هؤلاء حرجا من وقوفها متسولة عند إشارات المرور..! مع أن ديننا يؤكد أن المؤمن القوى خير من الضعيف والعمل والاكتفاء قوة، واليد العليا خير من اليد السفلى..
الشاهد فى كل ذلك ضرورة تطوير آليات واساليب عمل هيئة كبار العلماء وسرعة مواجهتها لهذا التدفق فى الفتوى والمسىء للإسلام وسماحته وقدرته على استيعاب المتغيرات.
الرياض ــ السعودية
هيا عبدالعزيز المنيع

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved