جولة بين عواصم «الازدهار العربى»: سوريا ممزقة.. والعراق مضطرب.. ولبنان معلق.. و...

طلال سلمان
طلال سلمان

آخر تحديث: الثلاثاء 28 يناير 2020 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

يبدو أن سنة 2020، التى نعيش نهايات شهرها الأول، ستشهد تغييرات واسعة ومؤثرة على صورة الغد الذى كنا نتمناه أفضل.. لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه.
إن عددا من الدول العربية تعيش فى قلب الاضطراب، وهى تقاوم التغيير باللجوء إلى المحرمات: التحالف العلنى أو الضمنى مع العدو الإسرائيلى كمدخل لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتآمر على بعضها البعض.
ولنعرض عناوين ما يجرى فى بعض العواصم العربية التى تعيش أوضاعا مضطربة، بغض النظر عن مستوى العيش فيها:
البداية من بيروت حيث نعيش فى وطن الأرز.
لأول مرة فى تاريخ لبنان ينزل شعبه متعدد الطوائف والمذاهب إلى الشارع ليقيم فيه على امتداد مائة يوم، تقريبا، يطلب التغيير فى سلوك النظام القائم على الاقتصاد الحر.. وهو «حر» بأكثر مما يجوز بحيث أنه يقتطع من الرواتب والأجور عن متوسطى الدخل حتى إفقارهم بينما يعطى تجار السياسة والمحتكرين من التجار ورجال الأعمال بأكثر مما يجوز.
بعد بيروت ومعها دمشق عاصمة سوريا، قلب العروبة النابض، كما كان يسميها إخوانها العرب منذ استقلالها وحتى الأمس القريب.
إن «بلاد الخير» هذه تعيش سلسلة من المِحن منذ حوالى عشر سنوات، وهى تبدو الآن منهكة اقتصاديا وعسكريا ومدنيا.. فثلث شعبها خارجها حاليا، ينتشر أبناؤها بين لبنان والأردن وتركيا ومصر، وحيث تقبل الدول الأوروبية بعض أهلها الذين شردتهم الحروب التى تنهك بلادهم ولا معين.
إن تركيا ــ أردوغان الطامعة دائما فى الأرض السورية قد دفعت بقواتها العسكرية لتحتل بعض الشمال السورى، متقدمة نحو القامشلى ودير الزور حتى أوقفها الجيش السورى مع قوات الدعم الروسية، وتدخلت موسكو واستدعت أردوغان إلى لقاء فيها مع الرئيس بوتين، حليف سوريا والذى جاء إليها مؤخرا فى زيارة سريعة استقبله خلالها الرئيس السورى بشار الأسد فى سابقة ملفتة: فى مقر البعثة الروسية الدبلوماسية فى دمشق، التى تجوّل فى أنحائها بعد اللقاء الرسمى، قبل أن يغادر متوجها إلى أنقرة.
***
فأما العراق فيعيش اضطرابا مفتوحا، بلا حكومة، مع مجلس نيابى مشلول.
شعبه فى الشارع يوميا و«الحرب» الأمريكية ــ الإيرانية تنهكه، اقتصاده خرب، ومناطقه متباعد بعضها عن بعضها الآخر، فالأكراد «مستقلون»، مع أن النظام الجديد (بعد الاحتلال الأمريكى) قد أعطاهم رئاسة الدولة.. أرضه ليست له: الأمريكيون وحلفاؤهم فى الشمال والجنوب وفى بغداد ذاتها، ولإيران نفوذ كبير و«جيش» مستقل باسم «الحشد الشعبى»، والزعيم الشعبى الأقوى مقتدى الصدر يريد السلطة ويخاف منها فيهرب من دواوينها بينما جمهوره يحتل الشوارع، وهو لا يريد أن يقاتل إيران لكنه يريدها دولة صديقة لا دولة احتلال. ومجموعة السياسيين البارزين عادوا مؤخرا من المنافى، قريبها والبعيد، لا يعرفون الشعب حق المعرفة، ولا هو يعرفهم.
ثم إن الأمريكيين قد تركوا بعض مواقعهم فى العراق لينقلوا قواتهم إلى الحدود مع سوريا، ثم إلى شرق سوريا ــ دير الزور ــ حيث النفط فزرعوا المئات من جنودهم حول مواقع آبار النفط هناك.
أما اليمن فجريح كلما قارب الشفاء وجه إليه أشقاؤه النفطيون سهاما مسمومة جديدة، حتى بات «مشلع» الجنبات، شماله بعاصمته صنعاء تحت حكم «الحوثيين» الذين تدعمهم إيران وتحاربهم السعودية، فى حين تتقدم القوات المدعومة من الإمارات العربية للسيطرة على عدن وجزيرة سومطرة وبعض الجنوب اليمنى. وقد كشفت الحكومة السودانية الجديدة التى أنجبتها «الثورة» مؤخرا فى الخرطوم أنها طلبت استعادة خمسة آلاف جندى سودانى كانوا يحاربون فى اليمن.
أما ليبيا فقد اندثرت «جماهيرية معمر القذافى»، وتقاسم العسكر وبقايا معارضى النظام السابق السلطة على أجزاء من المملكة السابقة: الشرق للجنرال خليفة حفتر، وحكومة مدنية فى طرابلس تقيم فيها بعثة دولية للوساطة يترأسها دبلوماسى ووزير سابق فى لبنان هو غسان سلامة، الذى يسعى جاهدا لاختراق الصعب وإعادة بناء ما تمزق من كيان هذه الدولة الغنية بالنفط والتى تفتقر إلى قيادات جامعة، والتى تتنافس الدول، شرقها وغربها، على نفطها الغزير وموقعها الاستراتيجى الذى حسمت فى بعض نواحيه، طبرق، نتائج الحرب العالمية الثانية عبر المواجهة العسكرية الشهيرة بين الجيش النازى بقيادة الجنرال الألمانى رومل وجيش الحلفاء بقيادة الجنرال البريطانى مونتغمرى.
***
مصر سورت نفسها بعناية، مبتعدة عن الصراعات العربية «وإن كانت قريبة من السعودية والإمارات، مثقلة بالهم الليبى، تحاول نسج علاقات جديدة مع سودان الثورة الذى يتقاسم قيادته العسكرية الضباط والسياسيون القدامى من أهل الأحزاب.
الأمة العربية تستقبل العام الجديد وهى «فى أحسن أحوالها»..
والعدو الإسرائيلى يهدد العراق، ويضرب سوريا مخترقا بطيرانه الفضاء اللبنانى، ونتنياهو كان بين آخر ضيوف سلطان عُمان الراحل، قابوس بن سعيد، «مبشرا» بأنه سيزور مسقط معزيا ومدنا عربية أخرى بينها دبى.. لافتتاح قنصلية فيها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved