يجب على ترامب الانسحاب من الناتو.. ولكن بلطف

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الجمعة 28 فبراير 2020 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

نشر Eurasia Review مقالا للكاتب Ivan Elnad يرى فيه أن الدول الأوروبية بعدما نهض اقتصادها بعد الحرب لا حاجة لها فى الدعم الأمريكى لتحقيق أمنها، ويجب على الولايات المتحدة الانسحاب من حلف الناتو لما يمثله من خسائر لها، ولكن ينتقد الكاتب طريقة ترامب الفظة فى التعامل مع الأوروبيين ويدعو إلى أن يتم هذا الانسحاب بلطف... ونعرض منه ما يلى:

وفقا لما ذكرته مجلة بوليتيكو، فإن الوفد الأمريكى فى مؤتمر ميونيخ الأمنى ــ النظير الأمنى للمنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس بسويسرا ــ صُعق بسبب رد الفعل العدائى الذى تلقاه من المتحدثين الأوروبيين، بمن فيهم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير. حتى أن شتاينماير اتهم الولايات المتحدة بأن الشعار الذى تتبناه إدارة ترامب «اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى» دليل على «رفضها لفكرة المجتمع الدولى». وصف شتاينماير موقف ترامب على أنه يدعو كل دولة «أن تدافع عن نفسها وتضع مصالحها الخاصة أمام أى شىء آخر... عظيمة مرة أخرى... حتى على حساب الجيران والشركاء».
ومن الساخر أن تعليقات شتاينماير الحادة تخلص إلى أنه إذا ضجرت الولايات المتحدة من استمرار تقديمها للدعم لأنظمة دفاع الدول الأوروبية الغنية، التى كانت منذ فترة طويلة قادرة على حماية نفسها، فإنها بهذه الطريقة تفرض المعاناة على حلفائها ولا تؤمن بـ«المجتمع الدولى»... تذمر شتاينماير يشبه شابا مؤهلا لا يزال يعيش فى منزل والديه بعدما طلبوا منه أن يحصل على وظيفة.
تم تأسيس حلف الناتو لحماية دول أوروبا الغربية التى دمرتها الحرب من أى تهديد سوفييتى محتمل حتى ينهضوا اقتصاديا مرة أخرى. حتى أن دوايت آيزنهاور قال إذا بقيت القوات الأمريكية فى أوروبا لفترة طويلة، فإن الناتو سيفشل. وبعد فترة طويلة من المعجزة الاقتصادية الأوروبية والازدهار المذهل الذى تحقق فى العقد الذى تلا الحرب وبعد فترة طويلة من انهيار الاتحاد السوفيتى، بدلا من انتهاء الحلف، زاد عدد أعضائه وتوسعت مهامه. ويظل وجود الجيش الأمريكى فى أوروبا ضامنا لأمن دول لديها ناتج محلى إجمالى أكبر من الولايات المتحدة. وفى الوقت نفسه، فإن روسيا، خليفة الاتحاد السوفيتى، لديها ناتج محلى إجمالى يعادل نظيره فى إسبانيا.
من الممكن التوصل إلى أن سياسة ترامب المتمثلة فى مضايقة حلفائه فى حلف الناتو حتى يفرض عليهم ضخ بعض الأموال لحماية أنفسهم هى سياسة صائبة. يتفهم ترامب المشكلة ولكنه توصل إلى حل خاطئ. إن العديد من المحللين الأوروبيين، الذين سيطروا على نخبة السياسة الخارجية الأمريكية خلال الحرب الباردة ويحاولون الآن إبقاء سيطرتهم، يواصلون التأكيد على التهديد الروسى من خلال شيطنة رئيسها، فلاديمير بوتين، الذى يعد فى الحقيقة مجرد ديكتاتور آخر عديم القيمة.
لا تزال هناك طريقة ثالثة، وهى الطريقة التى تتجنب استرضاء المحللين أصحاب فكر المركزية الأوروبية وما يريده ترامب من وضع للقيود المالية على حلفاء الناتو.
أسوأ ما يخشاه المحللون أصحاب فكر المركزية الأوروبية هو انسحاب ترامب من حلف الناتو قبل مغادرته منصبه، كما فعل مع اتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ، والاتفاق الدولى بشأن تغير المناخ، ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. ومع ذلك، هذا هو النهج الصحيح، رغم أنه جذرى. يجب أن يتم ذلك على الفور، بحيث لا يمكن عكسه بواسطة الرئيس القادم. المشكلة أن سلوك ترامب وقح وفظ فى تعامله مع الأوروبيين الأمر الذى سيجعل مسيرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى المتعثرة تبدو وكأنها كانت نزهة فى حديقة.. كان من الأفضل أن تكون هناك علاقة ودية مع أوروبا، يتبعها بيان أمريكى بأن المعجزة الاقتصادية الأوروبية قد سمحت لهم بمقاومة روسيا «الكاسدة» وأنهم يحتاجون فى النهاية إلى تحمل المسئولية الأساسية عن دفاعهم.
كان هذا من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بإعادة بناء قوتها عن طريق تخفيض الإنفاق الحكومى والديون وإعادة تمركز القوات العسكرية المتبقية إلى المحيط الهادئ للتحوط ضد قوة الصين الصاعدة. هذا التغيير أمر بالغ الأهمية، ويبقى أن نرى ما إذا كان يمكن تحقيقه.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved