هذا هو ولاؤهم!

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 28 أبريل 2009 - 7:59 م بتوقيت القاهرة

أعطى نجوم السينما المصرية درسا فى «الولاء» لأعمالهم عندما أعلنوا الفرار من مشاهدتها وحضور ندواتها مع الجمهور فى المهرجان القومى للسينما!، وهو الولاء، الذى يعكس إيمانهم بما يقدمونه ويراهنون عليه ويكشف أيضا عن نظرتهم لإبداعهم.

الصورة واضحة.. فمعظم الهاربين من الظهور والوجود يعرفون تماما أنهم لم يقدموا ما يفتخرون ويتباهون به، بل إن مسالة «الفن الجيد» برمتها لا تهم أغلبهم فى هذه المرحلة التى حددوا الهدف منها وهو الانتشار على حساب القيمة.. وحساب فى البنك أهم من رصيد الإبداع، وبداخلهم قناعة بأن تقديم الفن الجيد سوف يأتى فى حينه وبعد ما يكونون قد حصنوا أنفسهم ماديا سيلتفتون إلى تقديم أدوار كبيرة يفاخرون بها لكنهم ــ وبحسب عبرة التاريخ ــ لم يدركوا أن الزمن يمضى أنه سيكون قد فات الأوان، لأن الأيام تمر ولا تعود إلى الوراء وهناك كثير من النجوم وقعوا فى فخ التلاعب بالزمن وخسروا فى نهاية اللعبة.. لم تسعفهم القدرة على تقديم ما حلموا به رغم ما نالوه من فرص.

(لماذا يهرب نجوم اليوم من مواجهة الجمهور والرد على أسئلتهم واستفساراتهم حول ما قدموه؟، هم يشبهون فى هذه الحالة التاجر الذى ألقى ببضاعة مغشوشة فى الأسواق وعندما يكتشف المستهلك أنه وقع فريسة وضحية يهرب التاجر من المساءلة ويفر من المواجهة، مع أنه ربما يكون هذا التاجر ضحية تاجر آخر أكبر يريد أن يحتكر السوق ويكسب بغض النظر عن أى شىء آخر، وربما يكون شباب النجوم الذين دفعت بهم السينما المصرية طوال العام ضحية فئة من المنتجين الذين ينتمون لمبدأ هذا «التاجر الجشع»، لكنهم فى النهاية مسئولون عن أنفسهم وعن اختياراتهم وعن إلقاء أحلامهم فى السراب.

إن الاعتراف بالخطأ هو بداية طريق الصواب والهروب الدائم من مواجهة النفس هو الخطأ بعينه.. وأذكر أن النجم الأمريكى تشاليز هيستون اعترف فى لقاء لى معه بأنه قدم الكثير من الأفلام التى لا يرضى عنها وأنها تعتبر مطبا كبيرا فى مشواره ونقطة سوداء فى تاريخه، بل وذكر أسماء هذه الأفلام دون خجل وقال إنه تعرض لخدعة كبيرة من بعض شركات الإنتاج الأوروبية والأمريكية التى حسمته لقبول هذه الأعمال ووقع فى الفخ ولكنه قال: كنت أيضا جزءا من المسالة وأدركت الخطأ وصححت المسار، لم أعد أقدم عملا إلا وأنا راضٍ عنه تماما.. أدركت أننى يجب أن أكون أكثر حرصا ووفاء وولاء لنفسى ولتاريخى.. فالتاريخ لا يرحم.. والجمهور لا يرحم، ولن يقبل أن تخدعه طوال الوقت حتى لو كان يحبك ويهيم بك.

رسالة النجم الأمريكى واضحة وهى عمل ألف حساب للتاريخ الذى يسجل كل خطواتك وللجمهور الذى قد يمنحك البريق والوجود وقد يهبط بك إلى مكانه أدنى إذا ما شعر بأنك تتجاهل قيمته كمتلقٍ ولا تعترف بلغه الحوار معه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved