احترسوا.. العراق ينقسم

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 28 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

هل يمكن لنخبتنا السياسية أن تتوقف عن الجنون والعبث قليلا، كى تتأمل ما يحدث فى العراق الآن، فربما يقرع عندنا أجراس الإنذار.. وهل يمكن لهذه النخبة رؤية المخطط الذى يراد رسمه للمنطقة؟

 

العراق الشقيق يواجه خطرا داهما هذه الأيام. الخطر بدأ بالغزو الأمريكى الهمجى فى 2003 مستغلا استبداد نظام صدام حسين، وروادت بعضنا أوهام كثيرة بأن العراق سيصبح ديمقراطيا فعلا.

 

الذى حدث أن المجرم بول بريمر حل الجيش، وصار مقتل مائة عراقى يوميا خبرا عاديا يتم وضعه فى الصفحات الداخلية للصحف.

 

راهن بعضنا أن خروج قوات الاحتلال الأمريكية سيصلح الأمور، لكن انحياز رئس الوزراء نورى المالكى إلى «أهله وعشيرته» أفسد كل شىء.

 

الأكراد يشعرون بالغبن ويكادون يستقلون بشمال العراق، وأهل السنة يشعرون بغبن أكبر، وتحملوا كل شىء، ودفعوا أثمانا باهظة لديكتاتورية صدام حسين.

 

قبل أيام ارتكبت أجهزة أمن المالكى فى ساحة الحويجة قرب كركوك مجزرة أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من مائتى سنى عراقى عندما فضت بالقوة اعتصام أهل السنة احتجاجا على تهميشهم.

 

التطور الطبيعى للمجزرة أن زعماء السنة أعلنوا تشكيل «جيوش العشائر» لحمايتهم من شرطة وجيش المالكى التى صارت قوة احتلال فى نظر غالبية اهل المنطقة.

 

إذا قدر لجيش العشائر أن ينشأ ويتأسس فالمعنى الوحيد أن المناطق السنية فى العراق وهى الانبار والموصل وديالى وصلاح الدين وجنوب كركوك سوف تستقل عن العراق، لتصير هناك ثلاث دول أمرا واقعا، هى الدولة الكردية فى الشمال والسنية فى الغرب والشيعية فى الجنوب والشرق.

 

من يتحمل ذنب هذه الكارثة؟!. كل ساسة العراق بلا استثناء، لكن المتهم الأكبر هو نورى المالكى الذى لا ينظر إلا من ثقب مصالح طائفية ضيقة ومصالح طهران، رغم أن الكثير من قادة الطائفة الشيعية يوجهون له اللوم على سوء سياسته. وعندما لاحت نذر الكارثة رأيناه يشكو بالأمس من الفتنة التى أطلت برأسها ولم يقل لنا لماذا لم يمنعها بل استمر فى صب الزيت عليها.

 

المالكى يتصرف باعتبار أن العراق دولة شيعية صافية تتبع ايران ينبغى طرد كل من ليس شيعيا منها، رغم أن غالبية أبناء الطائفة الشيعية عرب اقحاح ودافعوا عن عروبة العراق مرارا وتكرارا خصوصا أثناء حرب الثمانى سنوات ضد إيران من 1980 إلى 1988.

 

قلوبنا مع العراق الشقيق وكل أهله من سنة وشيعة، عرب وأكراد مسلمين ومسيحيين، والسؤال الذى ينبغى أن نسأله لأنفسنا فى مصر هو: كيف نتجنب الوصول إلى الحالة العراقية الراهنة؟!.

 

البداية أن يبرهن الرئيس محمد مرسى كل لحظة أنه رئيس لكل المصريين فعلا، وليس بالأقوال فقط، بمعنى أن تكون السياسات المطبقة تقود إلى دولة لكل مواطنيها فعلا، وحتى الإشارات والرموز ينبغى أن تكون كذلك، بمعنى أنه عندما يزور الطلبة المصابين بالتسمم فى جامعة الأزهر، ينبغى أن يزور المصابين فى الهجوم على كاتدرائية العباسية فى نفس الأسبوع.

 

ثانيا أن تتعامل الأجهزة الرسمية باعتبارها أجهزة قومية تدافع عن الإسلامى كما تدافع عن الليبرالى.

 

ثالثا: أن يتوقف الشيخ صفوت حجازى وأمثاله عن الاقتراحات الكارثية التى يقترحونها بالنيابة عن آخرين بإنشاء حرس ثورى أو شرطة دفاع وطنى، هدفها الوحيد هو تكوين جيش خاص بالإخوان المسلمين «يلاعبون» به الشرطة والجيش.

 

 الأهم من كل ذلك أن يتوقف الإخوان وبقية التيار الإسلامى عن التعامل مع مصر باعتبارها إمارة طالبان الأفغانية التى ستبدأ منها الخلافة.

 

 مصر دولة عريقة ذات حضارة، ويصعب تماما تغيير هويتها.

 

العراق احتاج عشر سنوات للحديث عن جيوش خاصة ونحن نطالب بها بعد أقل من عشرة شهور من الإخوان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved