المفتاح لتطوير الذكاء الاصطناعي على نحو مسئول

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الجمعة 28 أبريل 2023 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعى بسرعة، ومع ذلك فإن محاولات تقليل المخاطر الناجمة عن هذه التكنولوجيا ــ كالتصدى للمحتوى الضار ــ تواجهها عدة عوائق. فى ضوء ذلك، نشر موقع Project Syndicate مقالا حول التحركات العالمية لحوكمة أنظمة الذكاء الاصطناعى... نعرض من المقال ما يلى:

فى الأشهر الأخيرة، تسارعت وتيرة تطور الذكاء الاصطناعى بدرجة كبيرة، حيث تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعى التوليدى مثل ChatGPT وMidjourney على تحويل مجموعة عريضة من الأنشطة المهنية والعمليات الإبداعية بسرعة كبيرة. بيد أن نافذة الفرصة السانحة لتوجيه عملية تطوير هذه التكنولوجيا القوية بطرق تقلل من المخاطر وتعظم الفوائد تنغلق بسرعة.

توجد القدرات القائمة على الذكاء الاصطناعى على طول سلسلة متصلة، حيث تقع أنظمة الذكاء الاصطناعى التوليدى مثل GPTــ4 النسخة الأحدث من ChatGPT ضمن الفئة الأكثر تقدما. ولأن مثل هذه الأنظمة تحمل الوعد الأكبر لكنها قد تؤدى فى الوقت ذاته إلى أشد المزالق غدرا، فإنها تستحق التدقيق الشديد من جانب أصحاب المصلحة فى القطاعين العام والخاص.

لكن كل تقدم تكنولوجى تقريبا يخلف تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية على المجتمع. فمن ناحية، عمل التقدم التكنولوجى على تعزيز الإنتاجية الاقتصادية ونمو الأجور، وتوسيع القدرة على الوصول إلى تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وإطالة أمد عمر الإنسان، وتحسين الرفاهة فى مجمل الأمر. ومن ناحية أخرى، تسبب فى إزاحة العمال، وركود الأجور، واتساع فجوات التفاوت بين الناس، وزيادة تركيز الموارد بين الأفراد والشركات.

لا يختلف الذكاء الاصطناعى عن أى تقدم تكنولوجى. تفتح أنظمة الذكاء الاصطناعى التوليدى فرصا وفيرة فى مجالات مثل تصميم المنتجات، وإنشاء المحتوى، واكتشاف الأدوية والرعاية الصحية، والتعليم المخصص، واستخدام الطاقة على النحو الأمثل. فى الوقت ذاته، قد تكون شديدة الإرباك، بل وقد تلحق الضرر باقتصاداتنا ومجتمعاتنا.

الواقع أن المخاطر التى يفرضها بالفعل الذكاء الاصطناعى المتقدم، وتلك التى يمكن توقعها بدرجة معقولة من الدقة، كبيرة حقا. فإلى جانب إعادة توجيه أسواق العمل على نطاق واسع، من الممكن أن تعمل أنظمة نماذج اللغة الضخمة على زيادة انتشار المعلومات المضللة وإدامة التحيزات الضارة. كما يهدد الذكاء الاصطناعى التوليدى بتفاقم التفاوت الاقتصادى. حتى أن مثل هذه الأنظمة قد تشكل مخاطر تهدد وجود الجنس البشرى.

يرى بعض المراقبين فى هذا سببا للضغط على مكابح أبحاث الذكاء الاصطناعى. فى الشهر الماضى، وَقَّـع أكثر من 1000 متخصص فى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، من إيلون ماسك إلى ستيف وزنياك، على رسالة مفتوحة توصى بأن «توقف مختبرات الذكاء الاصطناعى على الفور» تدريب أنظمة أقوى من GPTــ4 لمدة ستة أشهر على الأقل. خلال فترة التوقف هذه، يجب أن نعمل على حد زعمهم على ابتكار وتنفيذ مجموعة من بروتوكولات السلامة المشتركة ــ «الخاضعة للتدقيق الشديد والإشراف من قِـبَـل خبراء مستقلين من الخارج».

تؤكد الرسالة المفتوحة، والجدال المحتدم الذى أثارته، على الحاجة الملحة إلى مشاركة أصحاب المصلحة فى عملية واسعة النطاق قائمة على حسن النوايا تهدف إلى تحقيق التوافق مع خطوط هادية مشتركة قوية لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعى المتقدم. يجب أن يضع هذا الجهد فى الحسبان قضايا مثل الأتمتة (التشغيل الآلى) وإزاحة الوظائف، والفجوة الرقمية، وتَـرَكُّـز السيطرة على الأصول والموارد التكنولوجية، مثل البيانات والقوة الحاسوبية. ويجب أن تكون الأولوية القصوى للعمل على نحو مستمر من أجل القضاء على التحيزات الجهازية فى تدريب الذكاء الاصطناعى، حتى لا تنتهى الحال بأنظمة مثل ChatGPT إلى إعادة إنتاج هذه التحيزات أو التسبب فى تفاقمها.

بالفعل، بدأت مقترحات بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعى والخدمات الرقمية تظهر أخيرا، بما فى ذلك فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. كما تقدم منظمات مثل المنتدى الاقتصادى العالمى بعض المساهمات. فى عام 2021، أطلق المنتدى التحالف العالمى للسلامة الرقمية، الذى يسعى إلى توحيد أصحاب المصلحة فى ما يتصل بالتصدى للمحتوى الضار على الإنترنت وتسهيل تبادل أفضل الممارسات لتنظيم السلامة على الإنترنت. فى وقت لاحق، أنشأ المنتدى مبادرة الثقة الرقمية، لضمان تطوير التكنولوجيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعى مع وضع أفضل مصالح جماهير الناس فى الحسبان.

الآن، يدعو المنتدى إلى تعاون عاجل بين القطاعين العام والخاص فى مواجهة التحديات التى صاحبت ظهور الذكاء الاصطناعى التوليدى وبناء الإجماع على الخطوات التالية لتطوير ونشر التكنولوجيا. لتسهيل التقدم، يعتزم المنتدى، بالشراكة مع جمعية «منافع الذكاء الاصطناعى العامة AI Commonsــ وهى منظمة غير ربحية يدعمها من يمارس الذكاء الاصطناعى، والأوساط الأكاديمية، ومنظمات غير حكومية تركز على الصالح العام ــ عقد قمة عالمية حول الذكاء الاصطناعى التوليدى فى سان فرانسيسكو خلال الفترة من السادس والعشرين إلى الثامن والعشرين من إبريل. سيناقش أصحاب المصلحة تأثير التكنولوجيا على الأعمال، والمجتمع، وكوكب الأرض، وسوف يعملون معا لابتكار الطرق لتخفيف العوامل الخارجية السلبية وتسليم نتائج أكثر أمانا واستدامة وإنصافا.

سوف يغير الذكاء الاصطناعى التوليدى العالَـم، سواء شئنا أو أبينا. وفى هذه اللحظة المحورية فى جهود تطوير هذه التكنولوجيا، يشكل النهج التعاونى ضرورة أساسية لتمكيننا من بذل كل ما بوسعنا لضمان توافق هذه العملية مع مصالحنا وقيمنا المشتركة.

النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved