حرية تنقل الأفراد فى قارة غير آمنة بين الإشكاليات والحلول

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 9 يونيو 2018 - 12:12 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع (Peace and Security Council ReportــISS Africa) تقريرا حول الاجتماعات التى سوف تعقد فى مايو الحالى لمناقشة قضية حرية حركة الأفراد داخل القارة الإفريقية وعلاقة ذلك بالسلم والأمن داخل القارة، وطرح التحديات التى تواجه الاتحاد الإفريقى لتفعيل حرية التنقل داخل القارة، ويتعرض التقرير إلى الخيارات المتاحة أمام الاتحاد الإفريقى لتطبيق ذلك.

فى شهر مايو الحالى 2018 سيعقد مجلس السلم والأمن الإفريقى اجتماعين لمناقشة قضية حرية تنقل الأفراد وعلاقتها بالسلم والأمن. وسوف يركز ذلك تحديدا على موقف المهاجرين الأفارقة فى ليبيا والعوائق التى تواجه سياسة الاتحاد الإفريقى لتفعيل حرية التنقل داخل القارة مع الأخذ فى الاعتبار التقارير الصادرة عن العلاقة بين الأمن والهجرة فى إفريقيا. وتنقسم الدول الأعضاء حول مدى دعمهم لقضية حرية التنقل داخل القارة، وسوف يساعد مجلس السلم والأمن على تحديد المخاطر وتوضيح الآثار المترتبة على خطط الاتحاد الإفريقى الجديدة.

تأتى الاجتماعات المقبلة لمجلس السلم والأمن بشأن حرية الحركة بعد أربعة أشهر من اعتماد الاتحاد الإفريقى لبروتوكول ينص على حرية حركة الأشخاص والحق فى الإقامة وإقامة علاقات. ويدافع عن هذه القضية، من بين أمور أخرى، رواندا، التى ترأست مجلس السلم والأمن فى مايو. ويمثل تطبيق بروتوكول حرية التنقل تحديا حاسما للتكامل الإقليمى فى إفريقيا، لا سيما فيما يتعلق بمفهوم السلم والأمن.

الديناميكيات الجديدة فى مجلس السلم والأمن بشأن حرية التنقل
بحلول أوائل مايو الحالى، كان قد تم بالفعل التوقيع على بروتوكول بشأن حرية التنقل من قبل 31 دولة عضوا. ومع ذلك، لم تتلق لجنة الاتحاد الإفريقى أى تصديقات على البروتوكول حتى الآن. فى حين أن عدد التوقيعات يتجاوز نصف عضوية الاتحاد الإفريقى، فإن أيا من كبار المساهمين فى ميزانية الاتحاد الأفريقى ــ الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا ومصر والمغرب ــ لم يوقعوا بعد على البروتوكول، باستثناء أنجولا.
من المنظور الجغرافى يمكننا القول إن المنطقة الشمالية هى المنطقة الوحيدة التى لم توقع فيها أى من الدول الأعضاء على البروتوكول.
ومن بين 15 دولة عضوا فى مجلس السلم والأمن وقعت 12 دولة على البروتوكول. والدول التى لم توقع هى مصر والمغرب ونيجريا.
والمسألة الرئيسية التى يجب التركيز عليها هى كيف سيؤثر وزن هذه الدول الثلاث على إجراءات مجلس السلم والأمن المتعلقة بالموضوع فى ظل رئاسة رواندا للمجلس.
ويوضح هذا التأييد غير المتكرر وتكرار الاجتماعات بشأن هذه المسألة التحدى المتمثل فى ضمان حرية تنقل الأفراد فى قارة لا تزال فيها معظم المناطق تعانى من انعدام الأمن، حيث تكاد تكون مراقبة الحدود غير موجودة فى كثير من المناطق النائية.

الجدل الدائر بشأن قضية حرية التنقل
بمراجعة بسيطة لقرارات مجلس السلم والأمن حول البروتوكول نجد أن هناك اتجاهين: أحدهما، متفائل والآخر حذر إن لم يكن متشائما. من جهة، يعتقد بعض أعضاء مجلس السلم والأمن أن فوائد حرية التنقل تفوق أى تحديات متصورة. ومن ناحية أخرى نجد أن قرار اعتماد التنفيذ على مراحل هو مثال على النظرة الأكثر تشاؤما للدول الأعضاء الأخرى.
وشدد البروتوكول المعتمد فى يناير على أن أحد المبادئ التى تحكم وتوجه تنفيذه يجب أن تكون احترام القوانين المتعلقة بحماية الأمن القومى. ويوضح ذلك أحد التحديات الرئيسية للتصدى للمخاطر الأمنية الناجمة عن ضمان حرية التنقل. قد تختلف تعريفات «النظام العام» و«الأمن القومى»، على سبيل المثال، اختلافا كبيرا من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى.

أهمية تحديد الأثر الأمنى لحرية التنقل
فى النقاش حول حرية التنقل داخل الاتحاد الإفريقى، لا يوجد تحديد واضح للمناطق التى يمكن أن تتأثر بالحركة الحرة للأفراد أو التى يمكن أن تعيق تنفيذها. فى حالة النزاعات الحدودية، على سبيل المثال، حيث تكون بعض الحدود معسكرة بشكل كبير، قد يكون من الواضح أن تطبيق البروتوكول الخاص بحرية الحركة صعب للغاية فى الوقت الحالى.
فى حالة الحدود التى يسهل اختراقها نتيجة لعدم وجود الدولة أو ضعفها، يمكن أن تعنى حرية التنقل ببساطة أن الجماعات المسلحة والإرهابيين والكيانات الإجرامية سيكونون قادرين على القيام بأنشطتهم دون أى عوائق. وهذا هو الوضع بالفعل فى أجزاء مختلفة من القارة: فى الشريط الساحلى، وحوض بحيرة تشاد ومنطقة البحيرات الكبرى. والسؤال الرئيسى هو كيفية تعزيز حماية الحدود مع السماح بحرية حركة الأفراد.

الخيارات المتاحة أمام مجلس السلم والأمن الإفريقى
هناك العديد من المجالات المحتمل أن يتدخل فيها الاتحاد الإفريقى لضمان عدم تأثير الحركة الحرة سلبا على السلم والأمن، ويشمل ذلك تعزيز تقييم مشترك للمخاطر، ووضع الأساس لتعزيز التعاون عبر الحدود، وإنشاء الهياكل ذات الصلة فى مفوضية الاتحاد الإفريقى للإشراف على تنفيذ البروتوكول.

أولا: يمكن أن يطلب مجلس السلم والأمن تقييم مخاطر الوضع الحالى، من أجل تحديد آثار حرية الحركة بشكل واضح قبل الاستمرار فى المناقشات والقرارات حول هذه المسألة. وينبغى أن يعهد بهذا التقييم إلى فريق مؤلف من خبراء وطنيين وشركاء دوليين (مثل مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة والمنظمة الدولية للهجرة) والجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى. والاتجاه الحالى لتسليم مثل هذه المهام إلى لجنة الخدمات الاستخبارية فى إفريقيا له أهمية خاصة لأن رؤية أجهزة الاستخبارات للأمن قد تختلف عن رؤية الشرطة أو الجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى أو حتى مجتمعات الحدود. وعلاوة على ذلك، ينبغى إجراء هذه التقييمات على المستوى الإقليمى وعلى طول الممرات العابرة للمنطقة (الشريط الساحلى ــ الصحراوى، منطقة البحيرات الكبرى، حوض بحيرة تشاد).

ثانيا: يمكن أن يشجع مجلس السلم والأمن بشدة الدول الأعضاء على التوقيع والتصديق على اتفاقية نيامى للاتحاد الأفريقى للتعاون عبر الحدود. وحتى الآن، تم التوقيع على هذه الاتفاقية من قبل 14 دولة عضوا ولم تصادق عليها سوى دولتين (بوركينا فاسو والنيجر). من أجل منحها المزيد من الارتباط، يمكن للدول الأعضاء استعراض الاتفاقية من أجل تحديد وتجاوز العقبات التى تحول دون الحصول على تأييد أوسع.

ﺛﺎﻟﺜﺎ: ﻳﻤﻜﻦ لمجلس السلم والأمن أن يحدد مواعيد زﻣﻨﻴﺔ ﻟﺤﻞ اﻟﻨﺰاﻋﺎت الحدودية. قد ينظر فى عقد اجتماع وزارى أو قمة حول حالة النزاعات الحدودية من أجل التوصل إلى حل شامل بحلول عام 2020، على النحو المنصوص عليه فى خارطة الطريق الرئيسية «لإسكات البنادق» فى عام 2020.

وأخيرا: يمكن أن يشجع مجلس السلم والأمن على توثيق التعاون بين إدارة السلم والأمن، وإدارة الشئون السياسية ــ لا سيما بين الوحدة المستقبلية المسئولة عن حرية الحركة وبرنامج الاتحاد الإفريقى للحدود ــ وإدارة الشئون الاجتماعية، المختصة بملف الهجرة. وبما أن التعاون بين الإدارات قد يكون صعبا فى مفوضية الاتحاد الإفريقى، فينبغى النظر فى إنشاء وحدة مشتركة بين الإدارات للتصدى للتحديات الشاملة الناجمة عن حرية الحركة.

ويختتم التقرير بأنه يجب أن يكون هناك نقاش بين الدول الأعضاء بشأن شكل الوحدة المسئولة عن هذه المسألة الحرجة. هل ينبغى أن تكون أمانة للجنة مخصصة مؤلفة من خبراء معتمدين من الدول الأعضاء المعينين إقليميا، من أجل ضمان ليس فقط الالتزام الكامل من جانب الموقعين بل وأيضا تماسك وتكامل التنفيذ فى جميع أنحاء القارة؟ أم يجب أن تكون وحدة كلاسيكية داخل مفوضية الاتحاد الإفريقى؟ أو هل ينبغى أن ينظر مجلس السلم والأمن فى إنشاء لجنة فرعية حول هذه المسألة؟

من الواضح أن اختيار الهيكل المسئول عن الإشراف على هذا التطور التاريخى فى تكامل القارة سيشكل فاعلية تطبيقه.

 

النص الاصلي

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved