إلى أعضاء البوندستاج.. هل أنا معادٍ للسامية؟

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الثلاثاء 28 مايو 2019 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة هاآرتس مقالا للكاتبة «إيلانا هامرمان» تتناول فيه القرار الذى أصدره البوندستاج هذا الشهر بخصوص إدانة «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» المعارضة لإسرائيل معتبرا إياها معادية للسامية.

«ألمانيا، لا أريد شيئًا منك، سواء كان سيئًا أم جيدًا! هذا ما يجب أن أقوله ــ بصفتى امرأة يهودية إسرائيلية ــ لألمانيا التى قرر ساستها ــ تحت غطاء معارضة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ــ أننى وزملائى فى هذه المعركة ضد السياسات الإسرائيلية نستحق أن نتهم بأننا معاديين للسامية». هذا ما بدأت به الكاتبة مقالها حول هذا القرار الألمانى.

واستطردت قائلة: «ألمانيا، حقيقة قيامك بقتل عائلة والدتى والملايين الآخرين فى شعبى ــ أى الشعب اليهودى ــ لا تمنحك الحق فى تحديد من هو معادٍ للسامية. ومع ذلك، فقد أكدت هذا الحق فى القرار المقدس الذى أقرته غالبية البوندستاج فى 17 مايو 2019».

ولم تكن قضية حركة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات والتى لم يتم شرح أسباب رفضها بشكل صحيح هى جوهر القرار الذى تم اتخاذه على الإطلاق. حيث أصدر المشرعون الألمان نصًا مشوشًا ومربكًا، يتمثل جوهره الحقيقى فى تعريف معاداة السامية بأنها أى انتقاد يوجه للسياسة الإسرائيلية. من يعارضها إذا هو معاد للسامية. لا يحتوى القرار حتى على أى إشارة عن التغييرات التى مرت بها إسرائيل والمجتمع الإسرائيلى فى السنوات الأخيرة. والتى أدت إلى جعل إسرائيل على شفا خرابها وتدمير جميع سكانها، اليهود وغير اليهود على حد سواء ــ إلى درجة أن إسرائيل أصبحت المكان الأكثر خطورة فى العالم بالنسبة لليهود.

لا يتضمن هذا القرار البغيض الذى أقره البرلمان الألمانى إشارة إلى أن البرلمان والحكومة الإسرائيليين يضمان رجالًا ونساء يدافعون عن الإيديولوجيات الفاشية، ديكتاتورية يهودية وطنية وقمع شعوب أخرى، والشعب الفلسطينى فى مقدمة الشعوب التى يتم قمعها بالطبع، فى جميع الأراضى التى تحتلها إسرائيل، من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن. لا يوجد أى حديث عن أن هذه الإيديولوجيات قد نظمت لسنوات قوانين جديدة بتدريج وخداع.. يذكرونا بالعمليات التى مرت بها ألمانيا نفسها فى السنوات التى سبقت الحرب العالمية الثانية.

وفقًا لقرار البوندستاج، فإن النضال الراديكالى ضد السياسة الإسرائيلية ــ التى يشارك فيها اليهود المستنيرون فى إسرائيل وفى جميع أنحاء العالم ــ يشبه إنكار حق إسرائيل فى الوجود كدولة يهودية وديمقراطية. كما لو كانت إسرائيل اليوم ــ والتى يعمل المشرعون فيها بجد للحد من سلطة وعدالة النظام القضائى، وحرية عمل منظمات المجتمع المدنى وحق المواطنين غير اليهود فى العيش على قدم المساواة ــ لا تزال دولة ديمقراطية.

يحكم هذا البلد ملايين الأشخاص المحرومين من أى حقوق لأكثر من 50 عامًا، ويسرق أراضيهم، ويهدم منازلهم، ويُحرمهم من حرية الحركة والقدرة على كسب قوت يومهم، ويمنح تحت رعاية قوتها العسكرية الهائلة، جميع متطلبات الحياة الكريمة فقط لليهود الذين استقروا على الأرض التى ينتمى إليها هؤلاء الملايين من الناس. ولا زالوا يعتقدون أن دولة الفصل العنصرى هذه تعتبر دولة ديمقراطية بعد كل ذلك.

حروب إسرائيل
«صحيح أن الكنيست وحكومات إسرائيل يتم اختيارهم فى انتخابات ديمقراطية (لا يلعب فيها الفلسطينيون فى الأراضى المحتلة أى دور، رغم أن هذه الانتخابات تحدد مصيرهم). لكن من يجب أن يعرف أكثر منكم أيها الألمان أن هذا ليس هو المعيار الصحيح لتعريف الديمقراطية، بالنظر إلى أن غالبية شعبك، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، جاءت بالحزب النازى إلى السلطة؟».

تقولون إن معاداة السامية تحرم إسرائيل من حقها فى «الدفاع عن أمنها». لكن قراركم لا يذكر أن حروب إسرائيل ــ التى دمرت منذ أربعة عقود أرواح مئات الآلاف من الناس، من لبنان إلى قطاع غزة بالقنابل والقذائف من الأرض والبحر والجو ــ ظلت لفترة طويلة لا تهدف إلى حماية أمن الإسرائيليين.

لقد كُتب كل شىء بالفعل وقيل عن هذه الحروب بواسطة أقلام وأفواه كل الأشخاص المهنيين وأصحاب المبادئ، ومعظمهم من اليهود. ولكن فى هذه اللحظة المظلمة فى تاريخ بلادنا، رأى البوندستاج حاجة ملحة لجعل ألمانيا تقف إلى جانب إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا تحت ستار معركة «معاداة السامية».

«فى قرارِك، لا يوجد بند واحد يتناول المعركة التى نخوضها ــ نحن الذين نواجه هزيمة دائمة، نحن الذين نرغب فى العيش هنا كبشر بدلا من الموت فى الصراع الدامى. هذا الصراع الذى دأبت عليه الحكومات الإسرائيلية فى الأجيال الأخيرة، واليوم لم تعد تهتم بإخفاء اعتقادها بأننا سنعيش هنا بالسيف دائمًا».

«إن القوة العسكرية كما يقول رجال الدولة والمشرعون، ستحدد دائمًا خريطة إسرائيل الجغرافية والسياسية والأخلاقية.. القوة العسكرية، وليس الاتفاقيات التى وقّع عليها المجتمع الدولى، والتى وُلد معظمها استجابةً للموت والدمار اللذين زرعهما بلدكم. ستكون دائمًا قوة عسكرية، وليست قرارات الأمم المتحدة التى احتقرتها إسرائيل ونفتها وانتهكتها دون رادع».

عقوبات تدريجية
وتقول الكاتبة فى خطابها الموجه إلى أعضاء البوندستاج «لدى رد واحد عليكم، أنا من بين هؤلاء اليهود الإسرائيليين الذين ما زالوا يتشبثون بحبهم لهذا المكان، المتمسكين بكل قوتنا للدفاع عن مبادئنا وأمننا الجسدى، نرى أنه لا يوجد ضمان طويل الأجل سوى الحل السلمى.
وتضيف «نعم للعقوبات التدريجية على إسرائيل، الاقتصادية والثقافية. نعم للمقاطعة الكاملة لكل شىء يتم إنتاجه فى المستوطنات ــ هذا المشروع «المجنون» الذى توسع فى جميع أنحاء الضفة الغربية تحت رعاية سياستكم وبدعم منكم».

«ليس لديك الحق فى اتهامى بأننى معادٍ للسامية، لأننى أعتقد أنه فى ظل الظروف الحالية، فإن العقوبات والمقاطعات هى الأداة الوحيدة الفعالة وغير العنيفة المتبقية لإجبار إسرائيل على ترك الأراضى المحتلة وسيطرتها المدنية عليها. ولا علاقة للمقاطعة السياسية من هذا النوع بالمقاطعة العنصرية الوحشية التى فرضها النازيون فى بلدكم على الشركات اليهودية فى أبريل 1933».

«ليس لكم الحق فى اتهامى بأننى معادية للسامية لأننى أواصل فى هذه الصحيفة حث زملائى والمفكرين الإسرائيليين والفنانين والمبدعين على إصدار دعوتنا الخاصة، والتى ستفتتح بالكلمات التالية: «نحن ــ الفنانين والمبدعين، المثقفين والأكاديميين والمواطنين والمقيمين فى إسرائيل ــ نحث المجتمع الدولى على الضغط على إسرائيل وفرض العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية لإجبارها على إخراج مواطنيها من الأراضى المحتلة عام 1967. لقد اخترنا هذه الخطوة المؤلمة المتمثلة فى التوجه إلى الغرباء بدافع حب بلدنا والخوف المتزايد ليس فقط على طابعها الديمقراطى ولكن أيضًا خوفا على مستقبلها وعلى وجودها ذاته وبالتالى وجودنا».

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى

النص الأصلى:

https://bit.ly/2Qvrs8H

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved