«القاهرة ــ برلين ».. مأساة جيل يبحث عن الذات فى سينما واقعية معاصرة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: السبت 28 مايو 2022 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

يجىء فيلم «القاهرة برلين» للمخرج الشاب أحمد عبدالسلام ليشكل تجربة مختلفة ومتميزة فى سينما الأفلام القصيرة، التى تصور قضاياها بعمق، وتطرح أفكارها بلغة سينمائية واقعية تتسم بطابع حداثى وأسلوب معاصر يمتزج بتأثره بما يعيشه جيله من الشباب فى نطاق للتفاعل والتجريب.
الفيلم مدته 17 دقيقة ومن بطولة الممثلة التونسية مريم فرجانى والممثل المصرى إبراهيم النجارى بالاشتراك مع نبيل نور الدين وتصوير مصطفى الكاشف.
يتناول الفيلم على مدى 17 دقيقة قصة نور «29 عاما» تجسدها التونسية مريم فرجانى، التى تقضى ليلتها الأخيرة بالقاهرة قبل السفر بلا عودة إلى ألمانيا، وبعدما تكتشف بالمصادفة فقدان جواز سفرها تبدأ بمساعدة صديقها يوسف «إبراهيم النجارى» فى رحلة استعادته حقيبة صغيرة أضاعتها بمحطة مترو الأنفاق وبداخلها بعض المتعلقات الشخصية والأوراق التى كانت تريد إخفاءها والتى تمثل نقطة محورية فى دراما العمل.
هذه القصة والطريقة التى تم التصوير بها عبر كاميرا مصطفى الكاشف، التى خلقت علاقة حميمية مع الشخصية، تماهينا مع رحلتها من خلال المشاعر المتناقضة للشخصية.
للتعبير عن شعور الاغتراب وعدم التأقلم مع المجتمع لدى أبناء جيله وهى القضية الكبرى التى يريد الفيلم طرحها بالرغم من ان أحمد حسنى كاتب الفيلم لم يشر إليها بوضوح ولم يفسر سبب معين لرغبة البطلة فى السفر؛ لأن دوافع وأسباب كل شخص تختلف عن الآخر فربما كانت علاقتها بحبيبها أو ربما التسلط الممارس عليها اجتماعيا ممثلا فى مسئول المفقودات داخل محطة المترو، بإصراره على تفتيش حقيبتها وإلقاء ما بها على المكتب كاشفا جزءا من المستور، لنرى صراعا نفسيا مع البطلة المنزعجة من ذلك التسلط وهى تحاول الحفاظ على سرها الخفى.
لقد نشأت بعيدا عن والدى لأنهما قررا، مثل معظم الآباء المصريين فى التسعينيات، متابعة الحلم الأكثر شيوعا فى ذلك الوقت، السفر إلى الخليج والعمل هناك. ما زلت أتذكر اليوم الذى غادروا فيه إلى السعودية، تاركينى وراء أجدادى. كانت هذه هى المرة الأولى التى أشعر فيها بالخسارة والانفصال. استمر هذا الشعور فى التفرع حتى شق طريقه إلى مرحلة البلوغ.
فكرة الرحيل من الوطن سواء للعمل أو لاستكشاف العالم أو بدء حياة جديدة، تناولتها كثير من الاعمال السينمائية، لكنها جاءت هنا اكثرعمقا وبساطة فى الأسلوب، الذى يخفى وراءه مخرجا موهوبا يملك فكره وأدواته وقدره على توظيف أدواته وتكوينه البصرى من إضاءة وديكور وصولا لممثليه، والذين جاء أداؤهم سلسا وتلقائيا.
تساؤلات عديدة حول صدمة جيل من تحقيق الذات، حاول أحمد عبدالسلام فى فيلمه القصيرالأول، أن يجيب عنها فى ذهن ووجدان المتلقى من خلال تصوير ذكى لمفهوم التسلط الاجتماعى، بزواياه القاتمة، عسى أن يحظى الجميع بالأمل وسط مشاعر مختلطة بين الخوف والتحرر من اليأس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved