أيها المنافقون: لا «تفرعنوا» مرسى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 28 يونيو 2012 - 8:25 ص بتوقيت القاهرة

نريد من محمد مرسى أن يكون رئيسا عاديا، رئيسا يشبه أى مصرى عادى وطبيعى، لا نريده زعيما أو القائد الرمز والقائد الضرورة.

 

قبل انتخاب مرسى سمعنا وقرأنا وشاهدنا كثيرا من الناس ينتقدون الرجل لأنه بلا ملامح زعامة وبلا كاريزما ، وانه كان بديلا واحتياطيا للشاطر.. هؤلاء الذين ينتقدون الرجل لأنه شخص عادى، هم أنفسهم الذين انتقدوا مبارك ومن قبله السادات وعبدالناصر لانهم تحولوا إلى فراعنة.

 

محمد مرسى شأنه شأن معظم الرؤساء الذين سبقوه، جاءوا من بيئة عادية وأحيانا فقيرة، ويمكنكم تأمل شجرة عائلة كل رئيس ووظيفة والده لتدركوا ذلك. بل ربما كانت المؤهلات العلمية التى يحملها الرجل تجعله متفوقا على كل من سبقه من رؤساء مصر طوال الستين عاما الماضية!.
عبدالناصر كان زعيما تاريخيا بحق لانه ليس فقط يتمتع بكاريزما خاصة، بل لان عصره تطلب ذلك، والمناخ الإقليمى والدولى كان يحفل بالعديد من الشخصيات التاريخية التى خرجت من رحم مرحلة الكفاح الوطنى ضد الاستعمار لنيل الاستقلال.

 

السادات بدوره ورغم انه بدأ عاديا جدا فى ظروف تشبه محمد مرسى، وراهن كل رفاق عبدالناصر عليه ليتخلصوا منه فيما بعد، إلا أنه خدعهم جميعا ثم صار زعيما بعد شرعية حرب أكتوبر.

 

ونفس الأمر ــ مع الفارق ــ استغله حسنى مبارك فى بدايات حكمه باعتباره كان قائد القوات الجوية خلال نفس الحرب.

 

وبسبب هذه الزعامة دفعت مصر ثمنا غاليا لدرجة جعلت كثيرين يتهكمون بالقول: «ليت حسنى مبارك وجه الضربة الجوية لمصر، وحكم إسرائيل ثلاثين عاما!».

 

نحمد الله أن محمد مرسى لم يكن مشاركا فى الضربة الجوية مثل أحمد شفيق، ولم يشارك فى أى ضربة، ونتمنى ألا نفاجأ بعد أيام انه كان الشخصية الحقيقية لرأفت الهجان أو شارك فى إحدى الغزوات.

 

ربما إحدى الصفات الجيدة فى مرسى أنه إنسان عادى يمكن أن تصادفه فى أى مكان، رجل تلقى تعليما جيدا، ينحدر من قرية، لديه إخوة واقارب ما يزالون يمتلكون بضعة قراريط ويرتدون الجلاليب فى قرية العدوة بالشرقية، وأخوات يشبهن أخواتنا وأهالينا فى الدلتا أو الصعيد.

 

يستطيع مرسى أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه إذا حكم فعلا باعتباره رئيسا لكل المصريين وليس منفذا لأجندة مكتب الإرشاد لـ«أخونة مصر».

 

لكى يفعل ذلك فهو يحتاج إلى بناء نظام دولة مؤسسى مستقر وفعال يكون البطل فيه هو النظام والسيستم وليس الفرد والزعيم.

 

لكن المشكلة ان الشخص المسئول ــ ومهما كان متواضعا ــ فإنه يجد نفسه محاصرا بالعديد من المنافقين والأفاقين والمجاملين والباحثين عن دور أو منصب أو يريدون تأمين أنفسهم ومصالحهم مع النظام الجديد.

 

فى يوم واحد وجدنا قرارات بطبع صور لمرسى وتعليقها على المصالح الحكومية، ثم إعلانات تهنئة وكأن الثورة لم تقم.

 

فى هذا اليوم قام اثنان من عتاة لجنة سياسات جمال مبارك بتهنئة مرسى، أحدهما متهم فى موقعة الجمل. فى نفس اليوم كان أحد قادة الاحزاب ــ الخارجين من رحم الحزب الوطنى ــ يكرر نفس إعلان التهنئة فى صحيفة حكومية.. هل نحن مدمنين لسياسة «مات الملك .. عاش الملك» بهذة الدرجة؟!.

 

كيف لا يجد بعض رموز مبارك حرجا فى الانتقال بنفس السهولة إلى تأييد مرسى.. ما هذا النفاق؟! بهذا المنطق قد لا نستبعد قيام مبارك نفسه بتأييد مرسى!.

 

الرئيس يولد عاديا ويتولى الحكم وهو شخص طبيعى، نحن من نصنعه ونحوله إلى فرعون وطاغية أو نصف إله.. فيا أيها المنافقون ابتعدوا عن مرسى واتركوه يحكم باعتباره رجلا عاديا، وليس زعيما تاريخيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved