وقف الخسارة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 28 يوليه 2009 - 8:49 م بتوقيت القاهرة

 شاهدت الفيلم الأمريكى «Stop - Loss» أو «وقف الخسارة»، وكم كان بمثابة رسالة إنسانية مليئة بالألم والحسرة والندم على خوض أمريكا حرب العراق واحتلالها.

وهو عمل جرئ وواقعى حول معركة خاضها جنود رغما عنهم.. تعرضوا لخديعة كبرى كونهم يحاربون لصالح الوطن وضد قوة شريرة، لكنهم اكتشفوا فى وسط المعركة أنهم ضحية لسياسة زائفة تلقى بهم إلى التهلكة.

ففى الفيلم طرحت المخرجة كيمبرلى بيرس قصة بعض جنود الاحتياط، الذين أتموا فترة خدمتهم فى حرب العراق وحاولوا الخروج لممارسة حياتهم الطبيعية، وكلهم مشبعون بمجازر ومآسٍ وجراح على زملائهم المفقودين وعلى قتلهم لأسر برئية..

آباء وأمهات وأطفال، لكن القيادة تطلب تجديد مدتهم وتطلبهم لأرض المعركة، ومن يرفض تعامله كخائن ليس له الحق فى أى شىء، وبعد محاولات فاشلة لهروب أحد الجنود إلى دولة أخرى يعود من جديد إلى عالم الدمار خوفا من العار الذى ينتظره.. وكان ذلك مشهد النهاية الذى طرح سؤالا مهما! هل العار هو قتل الأبرياء وهدم بيوتهم أم العار هو الهروب من الخدمة وعدم تلبية نداء الوطن الزائف؟!.

وجاءت الإجابة مع دموع بطل الفيلم رايان فيليب، التى ملأت الشاشة وهو فى مركبة العودة إلى أرض المعركة بالعراق.. ومستقبل مجهول.

عنوان «وقف الخسارة» كان صادقا وصادما فهو لم يدن فقط قرار الحرب وما حدث فيها من فقدان الجنود، التى اعتبرها خسارة أمريكية كبيرة، بل دان أيضا وحشية هؤلاء الجنود فى اقتحام منازل مدن العراق وتورطهم فى جرائم إنسانية بشعة.

الفيلم كان مؤثرا بحد صورته الدموية وموسيقاه التى تنتزع آهاتك، وأعتقد أنه سوف يشجع مخرجين أمريكيين آخرين على عمل أفلام تدين قرار غزو العراق. وأعتقد أيضا أن المؤسسة الأمريكية سوف تدعم أفلاما أخرى تبرر فيها أهمية هذا الغزو فى حماية المواطن الأمريكى من باب التضليل التاريخى، الذى لعبت فيه هوليوود ــ وما زالت ــ دورا مهما على غرار بيرل هاربر، وحرب فيتنام، والقنبلة النووية على هيروشيما ومجزرة الهولوكوست.

ما بين المبالغة فى المديح الفج.. والهجوم الذى يصل أحيانا إلى الردح تسابق معظمهم لإنقاذ الأفلام المصرية هذا الموسم.

أفلام بالغت وجعلت من بعض النجوم آلهة، وربما تتحول هذه الأفلام نفسها يوما ما إلى أصوات تحطم هذه الآلهة، وتكون سببا لبداية انهيار هؤلاء النجوم.

وأفلام أخرى أخذت تنتقد بضراوة وكأن بينها وبين أبطال الأفلام ثأر شخصى، وبين هذا وذاك ضاع النقد الموضوعى.. خرج ولم يعد.

لجوء حركة حماس إلى صناعة أفلام سينمائية عن قادتها وشهدائها فى المقاومة سلاح ذو حدين: إما أن يبث من جديد روح الاستبسال ضد الاحتلال وشرعية الدفاع عن الأرض، وإما أن تتعامل وسائل الإعلام العالمية مع هذه الأفلام على كونها أرضا خصبة لتنشأ ما تطلق عليه «تأجيل الإرهاب» عبر تمجيد لمسيرة قادة حماس.

أشعر بروح جديدة تسيطر على إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائى هذا العام ورغبة فى التغيير لمحو «سوابق» الماضى.. فهل يستطيع أن يتجاوز خطاياه التى ظلت تلاحقه كظله وكأنها وصمة عار؟

سوف ننتظر..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved