العلم.. حمَّال أوجه!!

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الجمعة 28 يوليه 2017 - 8:40 م بتوقيت القاهرة

يتغير العالم من حولنا لكن قناعاتنا العلمية تأبى علينا أن نغيرها، نظل نفتقد فيما نقوله للمريض سنوات طويلة ونكرره بصدق فماذا يكون موقفنا حيال دراسات حديثة فى مواجهتها تتهاوى مسلَّمات درجنا الدفاع عنها بحزم والإشارة إليها فى كل مرة نعود فيها مريضا للمناظرة.

جميعا نقف هذا الموقف أمام نتائج دراستين هامتين أعلنتا هذا الشهر وتسابقت على نشرها كبريات صحف العالم ووسائل إعلامه.

الدراسة الأولى تشير إلى عدم جدوى تناول الفيتامينات ومضادات الأكسدة والمعادن وإن استثنت فيتامين «د» ومعدن الزنك لكنها أغفلت الأوميجا ٣ فلم تشر إليه من قريب أو بعيد.
تؤكد الدراسة أن تناول طعام متوازن ونمط حياة صحى نشط يضمن للإنسان السلامة دونما اللجوء لتناول أى مكملات غذائية.

تناقش الدراسة مسلَّمات ارتبطت فى الأذهان طويلا بفاعلية الفيتامينات على سبيل المثال: فيتامين «أ» لسلامة العينين، مجموعة فيتامينات «ب» المركب لمقاومة الضغوط والحفاظ على الذاكرة. ترى الدراسة أن الأمر لا يستحق وأن تناولهما فى ألوان الطعام المختلفة أكثر جدوى.
أيضا فيتامين «ج» تناوله من الفواكه والحمضيات أفضل كثيرا لمقاومة نزلات البرد كذلك فيتامين «هـ» أفضل من كل الأوراق الخضراء.. ترشح الدراسة كل أنواع الفراولة والتوت البرى للحصول على مضادات الأكسدة من مصادرها الطازجة.

تشير الدرسة أيضا إلى أن الزيادة فى نسب الفيتامينات قد تؤد ى إلى المهالك ضاربة المثل بأن الرجال المدخنين الذين يتناولون فيتامين «أ» «A» بانتظام أملا فى أن حمايتهم من السرطان أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة أكثر من غيرهم.

أما جرعة الفيتامينات المجمعة فلا داعى لها إطلاقا من وجهة نظر الدراسة. فيتامين «د» كان الوحيد الذى استثنته الدراسة لصعوبة الحصول عليه من الطبيعة وألوان الطعام، بل وأوصت بالتعرض للشمس حتى يتمكن الجسم من انتاجه بنفسه. أيضا الزنك لأهميته لمناعة الجسم وقلة وجوده فى الطبيعة.. فى النهاية أشارت الدراسة لضرورة تناول حامض الفوليك للحوامل أو من ينوون الإنجاب.

التعليق على تلك الدراسة لا يمكن أن يتم بصورة سريعة قد تجعلنا غير منصفين. لكن إذا أردنا بالفعل نقطة التقاء ترتكز على أرضية علمية ثابتة أهم ما فى تلك الدراسة هو أنه لا جدال فى أن الحصول على الفيتامينات ومضادات الأكسدة والمعادن نادرة الوجود من مصادرها الطبيعة إنما هو أفضل من الحصول عليها مصنعة فى كبسولات أو أقراض أو حقن. إذا كان هذا هو وجه الحقيقة فالوجه الآخر لذات الحقيقية أن الفيتامينات ومضادات الأكسدة والمعادن النادرة كلها مهمة وإن اختلفت درجات أهميتها وفقا للأدوار التى تلعبها.
الحقيقة الثانية أن الحصول عليها فى صورة مصنعة ضرورة متى كشفت أعراض بعينها عن نقصانها؛ إذ إن فى تلك الأحوال الحصول عليها من مصادرها الطبيعية يخضع لعوامل متعددة مختلفة.

الحقيقة الثالثة: أن لدى الأطفال وكبار السن احتياجا لبعض منها فى صورتها الطبيعية كنقاط فيتامين «د» للأطفال والحديد لكبار السن والأمثلة كثيرة.

الدراسة الأخرى الهامة تتعلق بضرورة الانتهاء من «كورس» المضاد الحيوى كاملا، فلا يجب التوقف عند زوال الأعراض.

أعتقد أن فى تلك النتيجة محاولة لتقليص ما يستهلكه العالم من مضادات حيوية بعد أن تضاءلت فائدتها نتيجة ظهور أجيال من الميكروبات مقاومة لها بعد استعمالها دون داعٍ فى حالات كثيرة.

الواقع أننى بالفعل أوافق على التوقف عن تناول المضاد الحيوى عند زوال الأعراض لكنى لا أوافق على الاستغناء عنه فى أعمال الوقاية، خاصة عند زيارة طبيب الأسنان لخلع ضرس أو إجراء جراحة لمرضى القلب، خاصة من هم عرضة للنشاط الروماتيزمى أو يعانون من تبعاته.

لا أعتبر تعليقى اليوم على نتائج الدراستين كاملا إنما بداية لحديث ــ إن شاء الله ــ طويل من خلال الصفحة.

فكما ترون أصدقائى.. أصبح العلم فى أيامنا «حمَّال أوجه».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved