تجربة شخصية مع بعض المواقع الإخبارية

محمد زهران
محمد زهران

آخر تحديث: الأحد 28 يوليه 2019 - 12:00 م بتوقيت القاهرة

 

الآن في عصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لم يعد الناس (أو لنكن أكثر دقة ونقول أغلب جيل الوسط وكل الجيل الجديد) يستقي معلوماته والأخبار الهامة بالنسبة له من نشرات الأخبار في التليفزيون أو الصحف الورقية بل أصبح يحصل عليها من مواقع التواصل الاجتماعي مثل صفحات الفيسبوك وتغريدات التويتر بالإضافة إلى مواقع الإنترنت، لا مشكلة حتى الآن، لكن زاد عدد تلك المواقع وصفحات الفيسبوك وأصبحت تتنافس فيما بينها، لنقف هنا برهة ونتسائل: إذا أردنا أن نقارن بين الصفحات الإخبارية فما هو المعيار الذي نقارن به؟ كاتب هذه السطور ليس من خبراء السوشيال ميديا ولكن يحاول التفكير بصوت عال، قد نقول أن المقارنة تكون في المصداقية والاحترافية والشفافية... إلخ، جميل هذا الكلام المنمق ولكن لنكن واقعيين، السواد الأعظم من القراء ليس لديه الوسائل أو الوقت أو حتى الاهتمام لقياس تلك الصفات التي ذكرناها وسيكتفي بمقياس واحد: عدد القراء لهذا الموقع أو تلك الصفحة ومن السهل معرفة عدد المشتركين في صفحة ما أو عدد اللايكات، هنا تبدأ المشاكل، هل هذا المقياس دقيق؟

 

هذا المقياس غير دقيق بالمرة لأنه لو كان عدد قراء خبر ما مليون شخص مثلا هذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء المليون قارئ يثقون في الخبر أو أن الخبر صحيح بل قد يكون إجتذبهم عنوان الخبر وبعد أن قرأوا متن الخبر فطنوا أن العنوان مضلل أو كاذب أو غير دقيق، عدد المشتركين في صفحة ما على الإنترنت لا يعني بالضرورة أنهم يثقون بها بل قد يكونوا قد أعجبوا بموضوع الصفحة ثم وجدوها مملة أو غير دقيقة فتركوها وقلما يتذكر أحد أن يلغي اشتراكه في صفحة ما وبهذا يزيد العدد مع مرور الأيام وأغلب المشتركين قد لا يتذكرون أصلا أنهم مشتركون فيها، إذا فكيف نثق في موقع ما أو صفحة في موقع التواصل الاجتماعي؟ أولا عدد المشتركين كما قلنا لا يكفي ولكن عدد القراء اليومي أدق وعدد القراء الذين يعودون إلى الموقع كل يوم أو حتى مرة في الأسبوع يعتبر أكثر دقة لأن هؤلاء القراء الذين يعودون إلى الموقع ويتفاعلون معه يثقون به، قلما تجد مواقع تضع تلك الأرقام ولأسباب واضحة طبعا لأن قد تكون تلك الأرقام غير مشجعة بالنسبة لصفحتهم أو موقعهم، ماذا لو كانت تلك الأرقام مرتفعة؟ هذا يزيد من ثقتنا في الموقع ولكن لا يعني ذلك أن الخبر صحيح فقد تكون الأرقام مرتفعة لأن هناك من يتم تعيينهم للاشتراك في تلك الصفحات وزيادة المشاركة، ماذا يجب عليك أن تفعل إذا؟ أولا يجب أن تقرأ الخبر كاملا والفيديو أو التسجيل الملحق به لو كان هناك ملحقات، ثانيا يجب أن تتفكر فيما قرأته: هل في الخبر فقرات تتعارض مع بعضها؟ هل عنوان الخبر دقيق؟ هل يمكنك أن تجد نفس الخبر في ثلاثة مواقع أو صفحات لا علاقة لها ببعضها؟ كل ذلك يزيد من ثقتنا في خبر ما، لماذا نتكلم في هذا الموضوع؟ لأن لي تجربة شخصية حدثت هذا الشهر.

 

بعد نشر مقال انتحار الطالب الصيني تواصل معي برنامج صباحي في قناة تن تي في للتعليق على الخبر وبعض الموضوعات العامة عن المواقع العلمية أو الأبحاث العلمية (هذا نص المداخلة)، بعد ذلك بعدة أيام كنت أكتب مقالا آخر في نفس الموضوع وأرد أن أضع رابط المقال الماضي فاستخدمت جوجل لأصل للمقال ووصلت إليه فعلا ولكن وصلت أيضا لموقعين آخرين، واحد منهما كتب عنوان يقول "أستاذ بجامعة نيويورك يحذر من الأبحاث المنشورة أسبوعيا في المواقع العربية" ومتن الخبر يتحدث عني، موقع آخر وجدت عنونا يقول "أستاذ بجامعة نيويورك: غالبية الأبحاث التي تنشر أسبوعيا في المواقع العربية غير دقيقة وتنشر معلومات خاطئة" وأيضا متن الخبر يتحدث عني، هنا رجعت إلى مداخلتي واستمعت إليها علني ذكرت كلمة "المواقع العربية" لكني ولم أجد شيئا!

 

بعض المنشور في متن الخبرين صحيح (البعض الذي لا يتحدث عن المواقع العربية) ولكن من الواضح أن العنوانين تم وضعهما ليجذبا القراء ويزيدا من عدد الزوار، ارجع لبداية المقال لتعرف رأيي في ذلك، لم أبحث بدقة أكثر عن مواقع أخرى قد تكون وقع في نفس الخطأ.

 

إذا أردنا أن نبني مجتمعا علميا فمن أهم الأمور توخي الدقة وعدم الاهتمام بأرقام الزوار في المواقع، كذلك يجب التفكر في الأخبار التي نقرأها كما وضحنا في هذا المقال.

 

سؤال ننهي به مقالنا اليوم: إذا كنت تعمل في مجال الإعلام هل يمكنك التضحية بالشهرة وعدد الزوار والإثارة في سبيل الدقة العلمية؟

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved