مكاسب إسرائيل من انسحاب أمريكا الكارثى من أفغانستان

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: السبت 28 أغسطس 2021 - 7:20 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع The Electronic Intifada مقالا للكاتب على أبو نعمة، ذكر فيه عدة فرص تحاول إسرائيل اغتنامها من سيطرة طالبان على أفغانستان بغرض تحقيق مصالحها، إلا أنه دحض بعض الفرص وأثبت وهميتها، ووصف البعض الآخر بأنها تنم عن وقاحة فجة... نعرض منه ما يلى:

كان الغزو الذى قادته الولايات المتحدة ضد أفغانستان أول حربين شنتهما أمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 بغرض الثأر. تبع ذلك غزو العراق عام 2003.
تم تسويق غزو العراق على أنه ضرورى لتدمير أسلحة الدمار الشامل ــ غير الموجودة ــ وتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان. بينما تم تبرير الهجوم على أفغانستان بأنه ضرورى للقضاء على تنظيم القاعدة وبناء نظام ديمقراطى وتحرير النساء الأفغانيات.
لكن الانهيار السريع للنظام الأفغانى، الذى أنشأته الولايات المتحدة فى أفغانستان، سيبقى عالقا فى الذاكرة لعقود وشاهدا على تراجع القوة الإمبريالية الأمريكية.
كانت الأهداف الحقيقية للمحافظين الجدد، الذين هيمنوا على إدارة جورج دبليو بوش عندما اندلعت الحربان، هى إعادة تشكيل المنطقة وضمان الهيمنة الأمريكية العالمية للقرن القادم.
العديد من المحافظين الجدد الذين عملوا فى الحكومة الأمريكية لم يروا أى فرق بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية وأرادوا أن تزعزع الولايات المتحدة استقرار وتدمير أى دولة ينظر إليها على أنها عقبة أمام القوة والتوسع الإسرائيلى. لكن الانسحاب الأمريكى المتسرع من أفغانستان يشبه انسحاب إسرائيل المهين من جنوب لبنان فى عام 2000، بعد عقدين من الاحتلال الإسرائيلى الوحشى الذى فشل فى سحق المقاومة المحلية.
فى إسرائيل، يحاول بعض المحللين والمحللات إيجاد جانب إيجابى لتقدم طالبان السريع، والانهيار التام للجيش الأفغانى الذى أنفقت الولايات المتحدة على تدريبه وتجهيزه مليارات الدولارات.
قال يوسى ميلمان، كاتب عمود فى صحيفة هاآرتس، أن «الدرس المهم الذى يجب على إسرائيل استخلاصه من هذا الوضع هو أن عصر التدخل الأمريكى فى الشرق الأوسط قد انتهى».
ومع ذلك، فهو يأمل فى أن تتمكن إسرائيل من «الاستفادة بطريقة غير مباشرة» من خلال تقديم نفسها كحامية للأنظمة «السنية» الحليفة لأمريكا فى المنطقة والتى قد تكون أكثر عرضة للخطر فى أعقاب انتصار طالبان.
يؤكد ميلمان: «باعتبارها القوة الأقوى بين المحيط الهندى والبحر الأبيض المتوسط، يمكن لإسرائيل الاستفادة من هذا الواقع الناشئ وجعل نفسها العمود الفقرى للدعم العسكرى والاستراتيجى للعالم السنى، الذى يخشى إيران والإرهاب الأصولى الذى قد يرفع رأسه مرة أخرى».
لكن فى الحقيقة وجهة النظر القائلة بأن إسرائيل يمكن أن تحل محل الولايات المتحدة هى وجهة نظر وهمية، لأنها تستند إلى فكرة أن قوة إسرائيل موجودة بشكل منفصل عن واشنطن.
فإسرائيل تعتمد اعتمادا كليا على الولايات المتحدة لتفوقها العسكرى، فضلا عن دعمها السياسى والدبلوماسى. وهذا شىء يفهمه القادة الإسرائيليون جيدا.
بعيدا عن كونه تفكيرا غير واقعى، فإن أمل ميلمان فى أن تستفيد إسرائيل من فشل أمريكا فى أفغانستان يتماشى مع روح رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذى كان سريعا فى حساب كيف يمكن لإسرائيل الاستفادة من هجمات 11 سبتمبر لصالحها.
قال نتنياهو ببرود فى نفس اليوم الذى شاهد فيه العالم الطائرات وهى تصطدم فى مركز التجارة العالمى: «إنه جيد للغاية، حسنا، ليس جيدا، لكنه سيولد تعاطفا فوريا لإسرائيل».
عيران ليرمان، الكولونيل فى الجيش الإسرائيلى، أكد أن هيبة الولايات المتحدة قد لحقت بها ضربة قوية من كارثة أفغانستان.
وذكر ليرمان: «لمواجهة هذا التأثير قدر الإمكان، سيكون من الضرورى للولايات المتحدة أن تثبت أنها قوة غير مستهلكة». والهدف الذى يقترحه لإعادة تنشيط القوة الأمريكية هو العدو الإقليمى الأول لإسرائيل، إيران. موضحا أن هناك استفزازات فى البحر، إطلاق صواريخ بالوكالة على السعودية وإسرائيل، تخريبا إقليميا؛ ومشروعا نوويا عسكريا سريع التقدم، كل هذا يتطلب ردا قويا، وليس استسلاما مقيتا على طاولة المفاوضات. لكن فى الواقع، إسرائيل هى التى تشن حربا علنية على إيران، حيث تهاجم السفن والمنشآت وتقتل العلماء!
أحد مسئولى المخابرات الإسرائيليين السابقين قال أيضا فى هذا الصدد إنه «من الممكن الاستفادة من الأحداث فى أفغانستان لصالحنا». وبحسب المسئول: «الاستسلام المهين للولايات المتحدة فى أفغانستان قد يدفع الرئيس جو بايدن إلى التشدد ويقرر استعراض عضلات الولايات المتحدة تجاه إيران».
أما بالنسبة لآخرين، تعتبر أفغانستان فرصة ذهبية لإسرائيل وجماعات مصالحها للانخراط فى مواقف منافقة.
كتب الصحفى الإسرائيلى باراك رافيد مقالا اقترح فيه أن إسرائيل يمكن أن تسجل انقلابا دعائيا باستقبال بعض اللاجئات واللاجئين الأفغان!. مضيفا أنه سيكون عددا «رمزيا» من 50ــ200 لاجئ ولاجئة فقط.
قال رافيد: «هناك أسباب أخرى، ليست إنسانية أو أخلاقية فقط». وأوضح: «أعتقد على المستوى السياسى أن إسرائيل تريد أن يُنظر إليها على أنها دولة غربية ليبرالية». وسيكون استقبال حفنة من اللاجئين واللاجئات الأفغان جزءا من عملية التوسيم هذه.
إسحاق هرتزوغ، رئيس إسرائيل الحالى، قال فى عام 2015: «لا يمكن لليهود أن يظلوا غير مبالين عندما يبحث مئات الآلاف من اللاجئين عن ملاذ آمن».
لكن الأمر به قدر هائل من الوقاحة، فى إشارة إلى رفض إسرائيل السماح لملايين اللاجئات واللاجئين الفلسطينيين المطهرين عرقيا بالعودة إلى ديارهم لمجرد أنهم ليسوا يهودا.
وعلى نفس المنوال، فإن اللجنة اليهودية الأمريكية، إحدى مجموعات الضغط الأمريكية لصالح إسرائيل، تستغل أيضا الوضع الأفغانى لتظهر كمنارة للعمل الإنسانى. وهذه هى نفس اللجنة اليهودية الأمريكية التى بررت ودافعت عن القصف الإسرائيلى الهمجى لغزة فى مايو الماضى، والذى أسفر عن مقتل عشرات الأطفال ومحو عائلات بأكملها.
إنها نفس اللجنة اليهودية الأمريكية التى تدعى أنها تجد تعصب طالبان بغيضا، لكنها مثل الجماعات الصهيونية الأخرى تعارض عودة اللاجئات واللاجئين الفلسطينيين على أسس متعصبة بأنهم ليسوا يهودا.
على كل حال، القادة الإسرائيليون يلتزمون الصمت علنا بشأن أفغانستان، لكنهم بلا شك منشغلون بما تعنيه الأحداث هناك بالنسبة لهم.
قال مصدر دبلوماسى إسرائيلى رفيع: «إن الاستسلام لإيران بعد الانطواء فى أفغانستان قد يؤدى إلى سلسلة من ردود الفعل الكارثية ذات الآثار الضارة على الأجيال القادمة فى أمريكا».
وأضاف المصدر أن «الولايات المتحدة هى الوحيدة التى تملك خيارا عسكريا مهما وذا مصداقية لا يتضمن وجود جنود على الأرض، لتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية أو إلحاق أضرار جسيمة بها على الأقل».
إذن، وعلى الرغم من التبجح والصخب بشأن ضرورة اعتماد إسرائيل على ذاتها، لا تزال إسرائيل بحاجة إلى الولايات المتحدة لخوض حروبها وحماية مصالحها.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved