أقر وأعترف وأطلب السماح

حسام السكرى
حسام السكرى

آخر تحديث: السبت 28 سبتمبر 2019 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

انتقدت في أحد المرات برنامجا مارس فيه مذيع مع ضيوفه ما اعتدنا مشاهدته يُرتكب من جرائم، من قبل مذيعة احترفت تخويف الناس وإهانتهم على الهواء خاصة لو كانوا من الفقراء ومعدومي الحيلة والنفوذ. بعد نشر المقال هاتفني المذيع وشكرني ودعاني للحديث حول الموضوع في برنامجه. بالفعل اتصل بي بعدها معد البرنامج. إلا أنه ارتبك عندما سألته عن قيمة مكافأة المشاركة كضيف في الحلقة الموعودة. سألته إن كانت هناك ميزانية للضيوف فرد بأنه لا يعرف واستأذن في أن يسأل ويعود بالإجابة. مر على الحكاية سنتان. لم أسمع منه وانقطعت علاقتي بالمذيع وبعالم الإعلام الذي قطعت علاقتي به تماما.

تذكرت الحكاية عندما سمعت أن مذيعا آخر أذاع مؤخرا تسجيلا صوتيا "مشينا" يناقش فيه باحث أكاديمي معدا في محطة تليفزيونية في شأن المكافأة المدفوعة له. أذيع التسجيل الدامغ بطريقة أشعرتني بالفزع من أن يكتشف أحدهم يوما ما قصتي المخزية، أو أن يكون حواري مع معد البرنامج قد سجل في إطار جهود حماية الوطن أو أصبح فقرة تعد للعرض في حلقة تالية.

لذا قررت الخروج للعلن مؤملا أن يكفر عن جرمي إقراري به واعتذاري عنه.

وكل أملي أن يفهم خطأي في سياق أنني كنت أسأل في معظم الأحيان رغبة مني في التأسيس لما اعتقدت خاطئا أنه سلوك احترافي ينبغي أن يفهمه أصحاب البرامج. كثيرا ما كنت أقبل الاعتذار عن الدفع لعدم وجود ميزانية. وكان يرضيني أنني طرحت السؤال وأن تكراره ربما يدفع المؤسسات الإعلامية للاعتراف بقيمة ما يقدمه ضيوفهم من أفكار.

ولابد إحقاقا للحق من التأكيد على أن الموافقة على دفع مكافأة كانت تتبخر أحيانا عقب إجراء اللقاء، بعد وعد لا يتحقق بالاتصال والدفع في وقت لاحق.

كما حدث مرة بعد لقاء تليفزيوني أن دس أحدهم في جيبي مظروفا وهو يهمس في أذني، راجيا ألا أخبر ضيفا آخر أنني حصلت على مقابل للمشاركة!

ربما يشفع لي خطأي أو خطيئتي أنني لم أمارس الإعلام في مصر إلا قليلا، وأنني عملت في مؤسسات إعلامية كانت تقاليدها وممارساتها تختلف. منها مثلا أن:

- لكل برنامج ميزانية مخصصة للضيوف تدفع منها مكافآت المشاركة.
- يحصل كل ضيف على المبلغ ذاته.
- توجد استثناءات محدودة لتجاوز قيمة المكافأة تبررها الحاجة للضيف وقيمته للبرنامج.
- عند الاتصال بالضيف من قبل البرنامج لا ينبغي الانتظار حتى يسأل عن مكافأة. بل يبادر المعد بإخباره عن قيمتها.
- لو حدث لسبب ما أن كانت المشاركة غير مدفوعة فللضيف أن يعلم بذلك مقدما.
- هناك حالات لا يدفع فيها مكافأة كأن يكون الضيف ممثلا لهيئة حكومية أو وزارة أو مؤسسة سياسية أو حزبية أو مبادرة أو منظمة. في هذه الحالات هو ليس ضيفا يبيع خبرته، وإنما ممثل لوجهة نظر جاء ليعرضها.
- لا يدفع للفنانين والموسيقيين والمطربين في حال كانت مشاركاتهم في إطار ترويج فيلم أو ألبوم غنائي أو حفل.
- يدفع للكاتب أو الصحفي أو الباحث مكافأة في حال كانت استضافته بحكم خبرته في مسألة ما، سواء كان قد حصل على هذه الخبرة بالممارسة، أو بالدراسة أو التأليف الأكاديمي أو غيره.
- لا يحصل الكاتب على مقابل لمشاركته لو كان غرض استضافته الحديث عن مؤلف أو كتاب صدر له كجزء من حملة ترويجه عقب النشر.

كتبت هذا فقط لتوضيح السياق ولالتماس العذر والسماح. حمى الله مصر ومذيعيها الذين يتغذون على ضوء الشمس، ويدفعون مصاريف المدارس بأكسجين الهواء ونيتروجينه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved