هل خريطة العالم تتغير؟

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: السبت 28 أكتوبر 2017 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

فى أواخر القرن التاسع عشر وحتى ثمانينيات القرن العشرين اندمجت دول فيما بينها لتكون كيانات أكبر أو كبرى على أثر الحربين الأولى والثانية وعلى سبيل المثال لا الحصر إيطاليا التى كانت مكونة من إمارات وجمهوريات صغيرة اندمجت معا وتلاها الاتحاد السوفيتى ويوجوسلافيا ثم الاتحاد الأوروبى وفى الجانب العربى تكونت السعودية وجاءت محاولات للوحدة والاندماج عربيًا رغمًا عن تقسيمات (سايكس ـ بيكو) ولكنها فشلت وأيضا محاولات إفريقية وغيرها وكانت آمال الدول وسياستها هى تكوين كيانات كبرى لتجابه كيانات كبرى أخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

أما الغريب أن أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين نرى حركة عكسية وهى تفكيك هذه الكيانات بدءًا من الاتحاد السوفيتى التى خرجت من عباءته عدة دول ومنها من هى فى شبه حرب معها الآن مثل أوكرانيا ثم يوجوسلافيا ومحاولات تفكيك منطقة كيبك الفرنسية عن بقية كندا ثم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ومحاولات إقليمى الباسك وكتالونيا الاستقلال عن إسبانيا ومحاولات الأكراد لتكوين دولتهم والفك من العراق ثم من سوريا وتركيا وفى إيطاليا تطالب مقاطعتى لومبارديا وفينيتو الغنيين بمزيد من الحكم الذاتى ويكون لهما ضرائبهم الخاصة برضى من روما، كل هذه الشواهد وغيرها تقول إننا أمام إرهاصات جديدة لتشكيل كيانات أو دول جديدة لم تكن على الخريطة بالمعنى الجيو ـ بوليتيكا فى القرن العشرين أى سنشهد إعادة صياغة للعالم.

الديمقراطية وحرية الشعوب ستفرض هذه الكيانات الجديدة لأن ما قد أندمج فى السابق بقوة السلاح وسطوة دول كبرى على الصغرى مثل حالة الاتحاد السوفيتى القديم لن تستطيع أن تتكرر لأن الوعى والارادة الشعبية لتلك الشعوب أصبحت أكثر نضوجًا ولن يرضى شعب أن يعيش تحت نير شعب آخر أو اتحادات أخرى تفرض عليه سياستها كما فى الحالة البريطانية ــ الاتحاد الأوروبى وشكوى الدول الأوروبية من «بروكسل» التى تفرض سياسات معينة على تلك الدول مثال على ذلك السياسة الزراعية بين فرنسا ــ والاتحاد الأوروبى ومطالبة الأحزاب اليمينية فى دول أوروبية الاستقلال عن الاتحاد الأوروبى.

ليست كل حالات الانقسام ستكون بسبب الاقتصاد ولكن لأسباب دينية أو طائفية مثل الحالة العراقية (سنة ـ شيعة) أو لأسباب ثقافية وأثنية مثل الحالة الكردية وبعدها اليزيدية وإلى آخره.

هل علينا أن نقاوم هذا التفكيك؟ أظن أن علينا أن نقاوم ألا يتم التفكيك على أشلاء جثث وحروب جديدة ولكن علينا أن ندرس كل حالة على حدة فهناك من اندمجوا فى الماضى جبرًا وقصرًا واستقلالهم الآن أو نوع من الحكم الذاتى يرضيهم باتفاق سلمى لن يضر، فنحن أمام حالة جديدة فى إعادة صياغة العالم ونشكر الله أن مصر منذ عصر مينا متماسكة وقوية وقطعة واحدة.

لذا علينا أن ننظر بعين الاعتبار فى خضم الإصلاحات الكبرى التى تتم حاليا إلى البدو فى سيناء والنوبيين ليندمجوا اندماجا كاملا ولا ندع القوى الشريرة تتلاعب بنا وبهم حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved