رفع حالة الطوارئ

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 28 أكتوبر 2021 - 9:15 م بتوقيت القاهرة

منذ أيام قليلة قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى رفع حالة الطوارئ فى البلاد. فى هذا المكان ورد أكثر من مرة نقدا للعمل بحالة الطوارئ، لذلك كان لزاما أن نعيد فى نفس الزاوية الحديث لتزكية قرار رئيس الدولة برفع حالة الطوارئ.
فى البداية يجب أن يشار إلى هناك فرقا بين إلغاء حالة الطوارئ وإلغاء قانون الطوارئ. القرار المتخذ هو إلغاء العمل بحالة الطوارئ، فقانون الطوارئ هو تشريع باستخدام صلاحيات محددة للسلطات فى كل بلدان العالم، وإن كان ذلك بأشكال مختلفة، فهو على وجه العموم خلاصته هو تعليق بعض القوانين والعمل بقانون استثنائى يعالج بعض الحالات، كحالات التوقيف والرقابة على الاتصالات والتفتيش والحبس والاعتقال والحبس الاحتياطى وتقديم المتهمين إلى المحاكمات العسكرية أو محاكم أمن الدولة طوارئ أو كليهما، وإصدار أحكام ذات طبيعة خاصة. بعبارة أخرى، تشريع الطوارئ هو مادة قائمة وموجودة حبيسة الأدراج فى كل البلدان، أما العمل بحالة الطوارئ فهو إخراج التشريع من محبسه للعمل به.
قانون الطوارئ أو الأحكام العرفية، وهما اسمان لموضوع واحد، مع اختلاف المسمى حسب الزمن، ومع بعض الخلاف فى التفاصيل، هو استدعاء مراسيم محددة لوقت محدد. أى أن العمل بهذا التشريع من مسماه يرتبط بظرف استثنائى، والظرف الاستثنائى لا يجب أن يكون هو السائد، بل إن السائد هو القانون العادى.
وقد عرفت مصر العمل بحالة الطوارئ ومن قبل الأحكام العرفية منذ عام 1914 دون انقطاع باستثناء حوالي 24 سنة متفرقة، وكانت الأسباب إما وجود تهديد داخلى مثل الحربين الكونيتين الأولى والثانية، أو حرب فلسطين 1948 و1956 و1967. أو ربما تهديد داخلى، إما نابع من وجود التهديد الخارجى أى ما يخص مواجهة مستغلى التهديد الخارجى للعبث بالأمن كما حدث عقب ثورة 1952 لمواجهة العصابات الصهيونية داخل البلاد، وإما نابع من تهديد داخلى محض، مثال على ذلك ما ذكر من مبرر للعمل بحالة الطوارئ إبَّان حكم الرئيس الأسبق مبارك عقب اغتيال الرئيس السادات حتى نهاية عهده، وما تلى ذلك من أعمال عنف شنتها جماعات إسلامية متشددة، سعت للنيل من أمن الدولة والمجتمع.
ولكون الحالة استثنائية بطبيعتها فقد حرص الشارع الدستورى إبَّان وضع دستور 2012 وتعديليه الأخيرين على وضع قيود على صانع القرار ليغل يده فى استمرار العمل بتلك الحالة، خاصة وأن الحقبة المنصرمة شهدت أطول حالة للعمل بقانون الطوارئ (3 عقود متصلة)، لذلك كان الحرص على تقييد ذلك تمشيا مع الرغبة فى سيادة مناخ من حرية الرأى والتعبير. لذلك كان إلغاء تلك الحالة هذا الأسبوع أمرا محمودا بعد أن جدد البرلمان تلك الحالة منذ عام 2017 باستثناء أيام قليلة جدا تلافيًا لخرق الدستور الذى منع أن تستمر تلك الحالة أكثر من ستة أشهر متصلة. وهو ما كان ينتقد فى كثير من الأحيان باعتباره استغلالا لثغرات الدستور.
قرار رئيس الجمهورية برفع حالة الطوارئ مفيد فى أكثر من اتجاه. أولا، أنه يتسق مع ما أعلن منذ بضعة أسابيع من وجود استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، وفى هذا الصدد صدرت قرارات بالإفراج عن بعض المحبوسين احتياطيا، كما أعلنت النية فى إعادة تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص الحبس الاحتياطى، وكذلك العمل على منح المجتمع المدنى قدرا أكبر من الحرية على النحو الذى ذكره الرئيس بكون عام 2022 سيكون عاما للمجتمع المدنى.
ثانيا، إن رفع حالة الطوارئ سيدعم مناخ الاستثمار الأجنبى فى البلاد، إذ إنه من المعروف أن رأس المال يجبن أن يعمل فى بيئة تتسم بعدم الاستقرار، يكون التشريع الاستثنائى هو السائد فيها على حساب القانون الطبيعى. لذلك ينتظر أن يكون قرار رفع حالة الطوارئ مجلبا للاستثمار الأجنبى.
ثالثا، يرتبط رفع حالة الطوارئ بتنشيط السياحة، وهى أحد مصادر الدخل الأجنبى إلى جانب تحويلات المصريين بالخارج وعائد قناة السويس والصادرات. إذ إنه من المفيد للغاية إدراك وإحساس السياحة كشركات وأفراد بوجود مناخ مستقر وآمن يدعم حركة السياحة، ويقلل من ظهور ما يقلق السائح من حراسات مبالغ فيها، أو خلافه.
رابعا، إن رفع حالة الطوارئ رغم أنه لا يرتيط بشكل مباشر بتقليل مدد الحبس الاحتياطى، فإنه يلفت نظر القضاء إلى أهمية تعضيد هذا المناخ الأمن الذى عبر عنه قرار رفع الحالة، بمزيد من الحرية للمتهمين ما لم تثبت إدانتهم.
خامسا، إن رفع حالة الطوارئ يفضى لتحسين صورة مصر أمام المجتمع الدولى المتمدين، الذى أصبح يوصف بأنه قرية صغيرة، ونحن جزء مهم منه، وذلك كله ضمن سياسة الاعتماد المتبادل بين مصر ودول العالم والمؤسسات الدولية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved