الأمريكيون فى الدورى الإنجليزى

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: السبت 28 نوفمبر 2015 - 11:05 م بتوقيت القاهرة

** أكتب بعد عاصفة حفلة الأهلى وقد شغل الرأى العام الرياضى بمحلليه وبرامجه وإعلامه، من يحضر الحفل ومن لا يجب أن يحضر، وانقسم هذا الرأى العام بين مؤيد لشخصيات ورافض لحضور تلك الشخصيات، وبدت المسألة كأنها قضية رياضية مصيرية، ونوقشت تحت شعارات نبيلة، من نوعية: كرامة الأهلى.

وكبرياء الأهلى. وأعداء الأهلى. وأسفى مذهل على القضايا التى تشغلنا، بينما هذا الرأى العام الرياضى لا تشغله الأرقام، ولا الإحصائيات ولا البطولات ولا الإنجازات ولا القدرة البشرية، ولا هذا الصراع الدائم بين الإنسان وبين الرقم وبين المسافة وبين الزمن وبين الوزن.. !
** أترك عاصفة حفلة الأهلى وهى «القضية العظيمة» التى ظلت حديث الساعة والدقيقة فى إعلامنا، إلى قضية بسيطة وفقا لمعايير الثقافة الرياضية المصرية.. والقضية هى هذا الهجوم من جانب مستثمرين أمريكيين لشراء وامتلاك أسهم فى أندية البريميير ليج. وذلك فى تقرير رائع نشرته جريدة فايننشال تايمز. وجاء فيه أن الدورى الإنجليزى يتميز بأمرين. الأول هو العائد المادى الجيد، والثانى إحكام السيطرة على التكلفة المالية وهو ما شجع العديد من المستثمرين الأمريكيين على شراء الأندية الإنجليزية. ومن المعروف أن عائلة جلايزر تمتلك مانشستر يونايتد، وراندى ليرنر يمتلك أستون فيلا، وجون هنرى يمتلك ليفربول، وإليس شورت يمتلك ساندرلاند، وستان كيرونيك يمتلك النسبة الأكبر من أسهم أرسنال واشترت مجموعة سيارات استثمارية فى شيكاغو 25% من أسهم بورنموث كما أنهى ملاك كريستال بالاس اتفاقا جوس هاريس ودافيد بليتزر لبيع أسهم. وهناك ملاك روس، وعرب ومن أسيا لبعض الأندية..
** فى التقرير تفاصيل مالية كثيرة.. وتتعلق بعلاقات التكلفة والأجور بالعوائد.. والنسب المرتفعة للدخول.. لكن المال والأرباح هما نتيجة لفلسفة الكرة الإنجليزية. فلسفة متميزة. يلعب الجميع للفوز. يلعب الكرة إلى الأمام. وهذا ما جعل البريميير ليج أغنى مسابقة محلية فى الحاضر وفى التاريخ حتى أن حقوق بث مباريات الدورى تليفزيونيا بيعت بمبلغ 7 مليارات و200 مليون دولار بينما لم تصل حقوق بيع دورى إسبانيا وألمانيا إلى مليار دولار.. وهذا الفارق المذهل يوضح كيف أصبح الدورى الإنجليزى عرضا مسرحيا خلابا وممتعا على مدى العام كل عام منذ عشرين عاما..
** الدورى الإنجليزى ليس المال وحده ولا اللعب الهجومى والمنافسة التى تتسع، لدرجة أن هذا الموسم دخل الدائرة ليستر سيتى مع مانشستر يونايتد ومانشستر سيتى، وأرسنال وليفربول، وحتى تشيلسى. فالموضوع ليس مرتبطا فقط بترتيب الفرق فى الجدول، وإنما المنافسة ليست على المراكز ولكنها على الفوز فى كل مباراة .وهذا يضفى الإثارة والقوة على المسابقة. ويتضمن مشهد الدورى الإنجليزى الحضور الجماهيرى المميز فى كل المباريات بنظام بيع تذاكر وتسويق متميزة للغاية.. وهذا يكمل المشهد الذى جعل الدورى الإنجليزى هدفا للأجانب وللأمريكيين الذين لا يلعبون كرة قدم..
** لعل الرسالة تصل بذلك إلى كل من يرى أن الكرة المصرية هى المنتخبات فقط، فبرجاء استيقظوا من سُباتكم الذى طال.. فكرة القدم فى مصر ملاعب وجمهور وحكام ومسابقات محلية وتسويق. وإذا كانت الكرة الإنجليزية هى المنتخبات فقط وهذه المنتخبات لم تحقق إلا إنجاز واحد فى 200 سنة، فإن إنجلترا «لا توجد فيها كورة»..؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved