«المسابقة الرسمية».. بروفة سينمائية لاختبار رحلتنا مع الزمن

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأحد 28 نوفمبر 2021 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

يجىء فيلم الدراما الكوميدية الإسبانى «المسابقة الرسمية» ليشكل ضربة بداية مختلفة وبارعة لشاشة «القاهرة السينمائى» فهو ينتزع بحق آهات عشاق السينما.
يغوص الفيلم الذى أخرجه جاستون دوبرات وماريانو كوهن فى عالم مهنة التمثيل بين الواقع والحياة، عبر سيناريو غير تقليدى، يمنحنا صورة تتلاعب بأذهاننا كما تتلاعب بإمكانيات أبطاله وقدرتهم التمثيلية، وهو السيناريو الذى شارك فى كتابته المخرجان دوبرات وكوهن، وأندريس دوبرات وجسد بطولة أنطونيو بانديراس وبينيلوبى كروز وأوسكار مارتينيز، وهم الثلاثى الذى يحظى بمكانة خاصة فى قلوب الجمهور.
وبدون شك أفضل الكوميديا هى تلك التى تتميز بالعمق، تلك التى تجمع بين القصص والسخرية وتكشف ما يشعر به صانعو الأفلام حول أى موضوع يعالجونه، «المسابقة الرسمية» هو أحد هذه الأفلام.
جاء سياق السرد بروح مرحة حتى فى أقصى اللحظات تصادمية، تبدأ أحداثه فى أعقاب حفل عيد ميلاد الملياردير أومبرتو سواريز (خوسيه لويسجوميز)، حيث ينظر إلى الوراء على سنواته الثمانين ويتساءل عن إرثه «كيف يرانى الناس؟، وما الذى يمكنه فعله لضمان أن يتذكره الجميع بفعل حسن؛ حيث شعر أنه حقق ثروة كبيرة على مر السنين ولكن دون احترام، وتخطر بباله فكرة: وهى عمل فيلم كبير من تأليف وإخراج وبطولة أعظم المواهب المتاحة، عمل مبنى على رواية محبوبة يكون محتواها جسرا لمجريات حياته يعبر عليه أجيال، رغم أنه ليس لديه أى اهتمام بالفن على الإطلاق؛ إنه يريد فقط أن يرتبط بالأفضل، بالفعل يشترى حقوق كتاب حائز على جائزة نوبل، والذى لم يقرأه حتى، ويستعين بمخرج شهير وافضل ممثلين من هذا الجيل.
معظم احداث فيلم «المسابقة الرسمية» هى عملية بروفة، حيث تقوم أسرة العمل المخرجة لولا كويفاس (بينيلوبى كروز) وإيفان توريس (أوسكار مارتينيز) وفيليكس روفيرو (أنطونيو بانديراس) بمزيد من التجارب الساخرة، خاصة فى التنافس الشخصى والمهنى بين مارتينيز وبانديراس ضمن السرد، بينما يلعب كل منهما هجاءً ممتدًا من نفسه، وهذه إحدى الطرق التى يتغلغل بها الفيلم فى النص الفرعى لكشف حقائق من الحياة، تدعى أيضًا أنها من أكثر اللحظات تسلية وأشدها حدة فى الفيلم.
يسمح المخرجان ماريانو كوهن وجاستون دوبرات لكل هذا بالتنفس والتواجد فى بيئة صارخة وبسيطة تم وضع معظم الفيلم فى مبنى سكنى فارغ به القليل من الأثاث أولا يحتوى على أثاث، مما يترك فنانى الأداء ليس لديهم ما يلعبونه سوى بعضهم البعض. إنه اختيار بارع، والفيلم الناتج يشعر بأنه مسرحى للغاية، ولكن مع الأداء وقصة مثل هذا هو بالضبط المراد.
قد يكون للفيلم مشكلة فى طوله ووتيرته، وهما طويلان وبطيئان، نعم هناك لحظات الضحك والبهجة المدهشة، ولكن هناك بعض الإعدادات لتلك الضحكات بلحظات متوترة عن قصد للوصول إليها.
«المسابقة الرسمية» فيلم رائع بمفرداته وحبكته وفكرته التى تتمحور حول الألم والمجد وأزمة أواخر العمر، وكذلك أداء أبطاله والكاريزما التى يتمتعون بها، وخاصة بينلوبى كروز ذات الأداء الرائع حقا فى دور مخرجة غريبة الأطوار تسعى للكمال خاصة وهى تقوم بإعداد ممثليها «مارتينيز وبانديراس» أو بين مدرس التمثيل والنجم العالمى، من أجل استخلاص قدر أكبر من العمق العاطفى من خيوطها؛ حيث تبتكر المخرجة سلسلة من التدريبات المفصلة، ويتحول كل مشهد إلى معركة بينهما؛ حيث يسخر كل منهما من شخصياتهما العامة، إنه لأمر ممتع أن نرى النجوم يسخرون من أنفسهم فى أدوارهم أيضًا والألعاب الذهنية التى يلعبونها مع بعضهم البعض تبدو مرحة حتى مع مرارتها وهم فى منافسة على جذب انتباه مخرجتهم، والتباهى بشأن من هو الأفضل أداءً، كل شخصية لها مراوغاتها المختلفة.. ولم ننس مشهد بانديراس وهو يتدرب على خطاب أوسكار فى الحمام، عندما يعتقد أنه لا أحد يراه، بينما يتحدث إيفان عن ميل هوليوود لتحويل الفن إلى مشهد ومنافسة، مثل حدث رياضى.
كلاهما يجعل الجمهور يعيد التفكير فى صناعة بأكملها، ولكن أيضًا كيف نفكر فى الأفلام نفسها. ما هو الفيلم الرائع؟
إنه فيلم بارع سيصمد أمام اختبار الزمن وسيتم تذكره بصورته الساخرة وتسليطه الضوء على العالم الذى نعيش فيه بالكوميديا العبثية، مما يمنح صانعيه إرثًا دائمًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved