البيضة والتذكرة والوزير

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 28 ديسمبر 2017 - 12:10 ص بتوقيت القاهرة

ذات يوم أراد وزير النقل هشام عرفات تبرير الزيادة المقررة لأسعار تذاكر المترو، فقال إن سعر تذكرة المترو فى مصر تشترى «بيضة ونص» وأنه فى فرنسا يشترى 7 بيضات، ولكن الوزير لم يقل لنا، إن الحد الأدنى للأجور فى فرنسا بلغ خلال العام الحالى 1480 يورو شهريا وأن سعر البيضة فى فرنسا نحو ثلث يورو ،أى إن المواطن الفرنسى يمكنه شراء 4625 بيضة شهريا، فى حين أن سعر البيضة فى مصر يبلغ 120 قرشا تقريبا وأن الحد الأدنى للأجور يبلغ 1200 جنيه أى إن المواطن المصرى لا يمكنه إلا شراء ألف بيضة فقط شهريا بكل مرتبه، وبالتالى فالمقارنة لا تجوز يا معالى الوزير.
وإذا كانت الحكومة تريد أن تحمل المواطن كامل تكلفة أى خدمة يحصل عليها خاصة فى مجال النقل العام، فمن حقه معرفة التكلفة الحقيقية للخدمة وليس التكلفة الفعلية الناتجة عن سوء إدارة هذه المرافق والخدمات وإهدار مواردها بتحويل مناصبها العليا إلى مكافأة نهاية خدمة لقيادات بعض الأجهزة والهيئات فيتم تعيينهم فى إدارة هذه المرافق بعد أن أنهوا سنوات خدمتهم فى أجهزتهم الأصلية بغض النظر عن قدرتهم على إدارة المرافق بالصورة الصحيحة، لتكون النتيجة تراكم الخسائر التى لا يمكنهم تعويضها إلا بالحديث عن زيادة الأسعار التى يتحملها المواطن المسكين.
ما ذنب المواطن ليتحمل ثمن فشل القائمين على إدارة مرافق الدولة فى استغلال كامل إمكانياتها لتعظيم مواردها بدلا من الاعتماد الكامل على جيب المواطن باعتباره الحلقة الأضعف فى السلسلة؟ 
لا يجب أن يتحمل المواطن تكبيل ميزانية هذه المؤسسات الخدمية بأجور ومكافآت آلاف الأشخاص المنتسبين أساسا إلى جهات أخرى فى الدولة، لكن وظائفهم ترتبط بعمل هذه المؤسسات الخدمية فيحصلون منها على المكافآت إلى جانب رواتبهم التى يحصلون عليها من مؤسساتهم الأصلية.
ولا يجب أن يتحمل المواطن الغلبان تكلفة الامتيازات التى تقدمها الدولة من ميزانية هذه المرافق للفئات المرضى عنها للعاملين لديها، ثم نتكلم عن الخسائر وضرورة تعويضها بزيادة الأسعار.
ولا يجب أن يتحمل المواطن تكلفة الفساد المستشرى فى مؤسسات الدولة برفع سعر الخدمة العامة التى يحصل عليها حيث تحتل مصر المركز 108 على مؤشر الفساد العالمى لسنة 2016 فى حين تأتى فرنسا مثلا فى المركز 23 فقط.
المشكلة أن الحكومة لا ترى أى سبيل لوقف نزيف خسائر مرافقها إلا زيادة أسعار خدماتها، مع أن هذه الأسعار زادت مرات ومرات ولم تتوقف الخسائر. فتذكرة أتوبيس هيئة النقل العام ارتفعت خلال أقل من 10 سنين من ربع جنيه إلى نحو 2.5 جنيه ولم يتوقف مسئولو الهيئة عن الحديث عن خسائرها. وسعر تذكرة المترو زاد بمقدار الضعف، وعدد الركاب زاد بحسب تصريحات الوزير، وحديث الخسائر لا يتوقف وقرار مضاعفة السعر مرتين أخريين جاهز وينتظر لحظة التنفيذ.
أخيرا، فإن الاكتفاء بزيادة أسعار الخدمات والمرافق، فى ظل استمرار الفشل الإدارى واستمرار تعيين «المتقاعدين» على رأس المؤسسات العامة كمكافأة نهاية خدمة واستمرار الفساد وإهدار الموارد لا يعنى إلا حلقة جديدة من مسلسل التنكيل بالمواطن دون أى أمل فى توقف نزيف الخسائر.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved