عام القسوة والرجاء

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الثلاثاء 29 ديسمبر 2020 - 11:05 ص بتوقيت القاهرة

يوشك عام 2020 على لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن حبس انفاسنا جميعا منذ شهره الأول الذى بدأ مع تباشير إطلاق فيروس كورونا رذاذه فى وجوهنا، مخلفا آلاما موجعة تأبى أن ترحل من دون تعميق آثارها فى نفوسنا بفقد عزيز أو رحيل حبيب «صديقى الخلوق أحمد هيبت نموذجا»، بينما العالم يصارع فى معركة انتاج اللقاحات التى نأمل أن تخرج البشرية من هذا الكابوس، رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية من أن القادم ربما يكون أكثر قسوة!
صور الشوارع الفارغة من الناس فى أوروبا، والعديد من مدن العالم بما فيها منطقتنا، فى الثلث الأول من 2020، كانت المشهد الأكثر حضورا مع تفشى الوباء الذى خرج من رحم مدينة ووهان الصينية، قبل اجتياحه الكرة الأرضية، محدثا مواتا اجتماعيا وتباعدا إجباريا بين البشر، فقد أغلقت المطارات فى وجه السماوات المفتوحة، وأحكمت المتاريس على الحدود، وحظر على السفن دخول الموانئ، وسط حالة من التخبط عن كيفية التعامل من وباء فتاك.
ومع انتصاف 2020 بدا وكأن الموجة الأشد فتكا ترخى قبضتها قليلا، لتتنفس بعض المناطق، وخاصة فى دول أوروبية كانت الأكثر تضررا، من تراجع عدد الإصابات، وبوادر الأمل والتفاؤل التى أخذ العلماء وشركات الدواء فى نثرها فى الفضاء الإنسانى الذى ارهقته جدران المنازل المغلقة أبوابها، وحرمان الناس من تشمم أنفاس بعضهم البعض فى الشوارع والطرقات، ليشعر الجميع بفقدان نعمة التواصل الحى المباشر.
الأمل فى امتلاك لقاح فعال يقى من الوباء، وانحسار الموجة الأولى من الفيروس، اعاد الحياة إلى الحركة الاجتماعية تحت ضوابط وإجراءات احترازية، وفتح الباب أمام الأنشطة الاقتصادية والسياسية، لكن كورونا بقى القاسم المشترك فى كل خطوة، ورأينا تأثيره على الانتخابات الأمريكية، على سبيل المثال، فى معركة اطاحت برئيس وأتت بغيره رغم حالة الإنكار التى يعيشها ترامب حتى اليوم.
وفى الشهر الأخير من 2020 طغت على السطح حمى تسويق اللقاحات بين الشركات المنتجة، وظهر الفرق واضحا بين الأغنياء والاقوياء من جهة، وشعوبا ودولا مغلوبة على أمرها تنتظر انتهاء صراع الأفيال فى بيت الخزف، أملا فى الحصول على ما دهسته الأقدام، وخلفه التطاحن، لكننا «نحن أبناء الجنوب سنبقى ندق الأبواب بالكعوب قبل أن ندخل فى حوائط الأزمنة».
تقول مقولة «لو كان الأخيار بشجاعة الأشرار لتغير العالم».. نعم الأشرار يتسيدون المشاهد التى تجلب الأحزان على غالبية الأخيار، غير أن الأخيار سيبقون يبعثون الأمل بطعم الفواكه حلوة المذاق، وفى عام 2020 رغم كل الصعوبات شهدنا دورة ناجحة لمهرجان القاهرة السينمائى، واستمتعنا بأفلام منتقاة، وسعدنا بنجوم جاءوا إلى القاهرة، متسلحين بروح المغامرة لبعث الثقة فى النفوس، والتأكيد على أننا سننتصر فى الحرب مع الوباء.
نقطة أخرى مبهجة وسط تحديات كورونا، كان فوز نجم رياضة كمال الأجسام للمحترفين، وابن كفر الشيخ، بيج رامى، ببطولة مستر اولمبيا، لنكسب بطلا صنع بإصرار وعزيمة كتلته العضلية الهائلة، فاستحق محبة والتفاف جميع المصريين، رغم محاولات البعض إفساد الفرحة التى عمت البيوت، لكن الصادقون وحدهم من يبقون فى القلوب.
وفى الختام، ومع تصاعد وتيرة الموجة الثانية لفيروس كورونا اللعين، نحتاج إلى اتخاذ إجراءات أشد حزما وحسما فى التعامل مع الوباء، وعدم الرهان على وعى الناس الذى فشل فى غالبية البلدان، وليس فى مصر وحدها، حتى نتمكن من عبور هذه المرحلة الصعبة بأقل خسائر ممكنة، داعين المولى عز وجل، أن يرفع البلاء والابتلاء، وأن يعم بلادنا الرخاء فى العام الجديد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved