الإرهاب الداخلى أخطر من الدولى.. وعلى بايدن مواجهته

تقارير
تقارير

آخر تحديث: الجمعة 29 يناير 2021 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

تناولت عدد من الصحف والمجلات الأمريكية أزمة الولايات المتحدة الأمريكية من تصاعد الإرهاب الداخلى والذى تعاظم فى حادثة اقتحام الكابيتول إلى جانب إعلان بايدن مواجهة التطرف العنيف والإرهاب الداخلى كإحدى أولويات الإدارة الجديدة.. نعرض فيما يلى بعض الآراء حول هذا الموضوع.

فى خطاب تنصيبه، ذكر بايدن أهمية مكافحة التطرف السياسى والتفوق الأبيض والإرهاب المحلى، وفى ثالث يوم له فى البيت الأبيض، طلب من مكتب مدير المخابرات الوطنية إجراء «تقييم شامل لتهديدات» التطرف المحلى فى أعقاب هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول والذى أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. بالطبع كلام بايدن وحده لن يستطيع حل المشكلة، ولكن الاعتراف بأن هناك تهديدا على الأقل يدفع للخروج من خندق التقاعس الذى علقت فيه الولايات المتحدة منذ عقود.
ذكر الكاتب «فرهاد مانجو» فى مقاله بنيويورك تايمز أن ما حدث فى 6 يناير كان نتيجة فشل فى الرؤية والرفض المستمر من قبل الإدارات الأمريكية على الاعتراف بواقع التهديد الذى يفرضه الإرهاب الداخلى بالولايات المتحدة، فالأيديولوجيات اليمينية المتطرفة أشعلت موجة كراهية وعنصرية ومعاداة للسامية والمسلمين والسود والمهاجرين. وذكر الكاتب أن ما شهدته الولايات المتحدة من حوادث إرهاب داخلى كانت أشرس وأعنف من حوادث الإرهاب التى ارتكبت من قبل جماعات خارج الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، فإن خطط العمليات الإرهابية التى يضعها اليمين المتطرف لا يتم عرقلتها، وفى الخمس سنوات الماضية نجحت حوالى ثلثى العمليات الإرهابية التى دبرتها جماعات اليمين المتطرف.
يرى الكاتب أن السبب الرئيسى لاستمرار العنف السياسى اليمينى فى الولايات المتحدة عدم إعطائه الأولوية والتقاعس السياسى فى القيام بذلك. فعلى الرغم من كل الجرائم التى ارتكبت العام الماضى، إلا أن تحت إدارة ترامب أو حتى أوباما كان التركيز ينصبُّ على استخدام الموارد للتصدى للتهديدات الخارجية بدلا من التهديدات الداخلية. لم يكن منع نشوب أحداث الكابيتول صعبا، فاليمينيون المتطرفون أعلنوا عدة مرات عن خططهم مهاجمة الحكومة، وعن الطرق التى سيسلكونها، حتى إنهم تدربوا على مهاجمة المؤسسات الفيدرالية من خلال مهاجمة حكومات الولايات، ولكن كل ذلك تم تجاهله.
يستطرد الكاتب حديثه قائلا إنه فى ظل إدارة ترامب، أقام السياسيون الجمهوريون وكبار الشخصيات فى الإعلام المحافظ علاقات وثيقة مع اليمين المتطرف. فعلى سبيل المثال ظهر جافين ماكينز، مؤسس جماعة «براود بويز»، وهى جماعة متطرفة شارك أعضاؤها فى أعمال شغب الكابيتول، عشرات المرات على قناة فوكس نيوز. زعم أحد قادة جماعة «أوقفوا السرقة»، وهى إحدى المجموعات التى نظمت احتجاج الكابيتول، أنها نسقت الأمر مع بعض أعضاء الكونجرس الجمهوريين. كان الاعتقاد أن الأمريكيين لا يمكنهم التسبب فى ضرر كبير، وأن الإرهابيين المحليين «ذئاب منفردة» غير منظمين وغير متعاونين، وبالتالى لم يشكلوا خطرا كبيرا. انتشرت المعلومات والأخبار المضللة وكانت من الأسباب الرئيسية لجعل الأمريكيين غير مدركين لانتشار العمليات الإرهابية لليمين المتطرف وهو سبب عدم التركيز السياسى عليها.
***
أدركت إدارة بايدن أهمية التركيز على المعلومات لمواجهة الإرهاب الداخلى، وفى مقال لها بصحيفة واشنطن بوست، تناولت الكاتبة جينيفر روبن النهج الذى سيتبعه إدارة بايدن. فتذكر الكاتبة ما أوضحته السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين بساكى من أن مجلس الأمن القومى سيبذل جهدًا لمراجعة سياساته وتحديد كيف يمكن للحكومة أن تشارك المعلومات بشكل أفضل حول تهديد الإرهاب الداخلى، ودعم الجهود لمنع التطرف العنيف وتعطيل شبكاته. وأشارت إلى ما سيقوم به مجلس الأمن القومى من تنسيق لجهوده مع الحكومة الفيدرالية والإشراف على عملية معالجة التهديدات المتطورة، والتطرف، ودور وسائل التواصل الاجتماعى، وتعزيز تبادل المعلومات، وسرعة الاستجابة. تعتبر هذه الخطوة مهمة لمعالجة مشكلة متصاعدة تعد أخطر من الإرهاب الدولى، والتعامل معها بشكل منهجى وعلى أساس البيانات بدلا من مجرد الحدس يبدو كإشارة جيدة.
يشير الكاتب دايفيد روود فى مقاله بمجلة نيويوركير إلى قدم القوانين الموجودة لمحاربة التطرف العنيف، حيث فشلت السياسات والقوانين والشركات التكنولوجية الأمريكية فى إدراك قوة الاتصال فى العصر الرقمى. ويعرض فى مقاله رأى جوان دونوفان، الخبيرة فى المعلومات المضللة فى كلية كينيدى الحكومية بجامعة هارفارد، حيث ترى أن حقبة ترامب أظهرت أن المعلومات المضللة عبر الإنترنت يمكن أن تساهم فى التطرف، وأن مواجهة هذا التحدى جزء أساسى من مكافحة التطرف. واستطردت قائلة أن ترامب استطاع تشكيل الواقع بما لديه من إمكانية الوصول المباشر إلى مائة وخمسين مليون شخص و«كلما أسيء فهمنا للقوة التى تتمتع بها وسائل التواصل الاجتماعى، سنقوم ببروزتها عن طريق الخطأ فى إطار حرية التعبير».
تشير الكاتبة جينيفر روبن إلى أنه على الرغم من التحليلات التى تظهر التهديد المتزايد للإرهاب المحلى، فقد رفضت إدارة ترامب القيام بأى مبادرة أو دراسة لمعالجتها. فترامب كره توجيه انتقادات لعنف الميليشيات البيضاء، واتضح ــ بفضل طلب حرية المعلومات الذى قدمه بنجامين ويتس من شركة Lawfare ــ أن اللغة فى تقرير وزارة الأمن الداخلى التى حددت العنصريين البيض كأكبر مصدر للإرهاب قد تم تخفيفها فى المسودات اللاحقة إلى «المتطرفين العنيفين المحليين». قامت إدارة ترامب بقمع المعلومات المتعلقة بالتطرف الداخلى وركزت بدلا من ذلك على أشياء سخيفة مثل «حظر المسلمين». ولذلك تعتبر إدارة بايدن أن توفير المعلومات والحقائق مهم لمعرفة طبيعة التهديد والأدوات اللازمة لمواجهته.
***
يرى الكاتب دايفيد روود أن مواجهة الإرهاب المحلى من المرجح أن تكون من أكثر المهام تعقيدا فى تاريخ تطبيق القانون الأمريكى.. مع اقتراب محاكمة دونالد ترامب، يراقب المسئولون الفيدراليون المحادثات عبر الإنترنت حول اغتيال أعضاء الكونجرس أو مهاجمتهم خارج مبنى الكابيتول، وعمليات التنسيق بين المتعصبين البيض عبر الإنترنت، مما يشعرهم بالقلق.
تصاعدت الهجمات الإرهابية والمؤامرات بشكل كبير فى الولايات المتحدة منذ عام 2013، ونفذ معظمها متطرفون يمينيون داخليون. يلقى الديمقراطيون باللوم على ترامب فى إضفاء الشرعية على الجماعات اليمينية المتطرفة طوال فترة رئاسته وتشجيعها وفشله فى قمعها. وهم يؤكدون أن حملته الإعلامية المضللة التى استمرت لأشهر حول نتائج الانتخابات حرضت على حادثة شغب الكابيتول ــ الذى وجد أيضا تحليل أجرته «الإذاعة الوطنية العامة National Public Radio» أن واحدًا من كل خمسة أشخاص متهمين جنائيا حتى الآن فى الاعتداء قد خدم أو يخدم حاليًا فى الجيش.. الديموقراطيون فى الكونجرس الذين عانوا من الهجوم يطالبون بايدن بالتحرك.
يرى الكاتب أن إعلان بايدن حربه على الإرهاب الداخلى سيزيد من الانقسام المجتمعى فى الولايات المتحدة. يرفض أنصار ترامب جهود إدارة بايدن ووصفوها بأنها محاولة لتشويه سمعتهم وإسكاتهم. قال السيناتور راند بول، المرشح الرئاسى المحتمل لعام 2024، معتمد نفس رواية الظلم والمؤامرة التى قادها ترامب، أن بايدن فى خطابه لمح بشكل غير مباشر إلى أن أنصار ترامب عنصريون وينتمون إلى جماعات التفوق الأبيض. أعلن مضيف قناة فوكس نيوز تاكر كارلسون أن بايدن ومسئولى المخابرات وشركات التكنولوجيا يشنون «حربًا جديدة على الإرهاب.. تركز داخليًا على الشعب الأمريكى».

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النصوص الأصلية
الرابط الأول
الرابط الثاني
الرابط الثالث

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved