«أيباك» لديه مشاكل أكبر من «ساندرز».. والتى ربما تحدد مستقبله

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: السبت 29 فبراير 2020 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة هارتز مقالا للكاتب Amir Tibon تناول فيه التحدى الذى يواجه أيباك (لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية) فى القيام بمهمته الرئيسية فى الولايات المتحدة، وهى الحصول على الدعم لإسرائيل من جانب الحزبين فى ظل الانتخابات الحالية وخاصة إذا وصل بيرنى ساندرز ليكون مرشح الحزب الديمقراطى.. نعرض منه ما يلى.

لم يكن إعلان بيرنى ساندرز عن عدم حضوره لمؤتمر أيباك فى واشنطن مفاجأة، فخلال مدة الثلاثة عقود التى عمل فيها فى واشنطن، لم يحضر بيرنى هذا المؤتمر من قبل، ولم يكن هناك سبب ليمثل هذا العام حضوره الأول للمؤتمر فى ظل تصريحاته الأخيرة بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل. ولكن ما فاجأ اللوبى هو قرار ساندرز بإدلاء بيان سياسى رسمى بعدم حضوره لهذا المؤتمر والكلمات التى اختارها فى بيانه.
اتهم ساندرز المنظمة بتوفيرها منصة «للقادة المتعصبين» ــ على الأرجح إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى يُدعى كل عام لإلقاء كلمة فى المؤتمر، والذى يقوم، مرة أخرى، فى حملته الانتخابية الحالية بهجمات عنصرية ضد المواطنين العرب فى إسرائيل وممثليهم فى الكنيست.
رد أيباك كان سريعا وقويا.. لقد أصدر بيانًا يوبخ فيه ساندرز، مستخدمًا كلمات مثل «المخزية» و« بَذِيئة»، والتى لم يستخدمها اللوبى مطلقًا من قبل عند انتقاد مرشح رئاسى بارز لأى حزب. فى الأيام التى تلت تغريدة ساندرز، استخدم اللوبى حساباته على وسائل التواصل الاجتماعى لتسليط الضوء على دعم الحزبين لعمله، وتبادل مشاركة نية الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين فى الكونغرس الذين يخططون لحضور المؤتمر.
كان من الأهمية بالنسبة للوبى أن يسلط الضوء على مثل هذه الرسائل فى أعقاب بيان ساندرز، ليس فقط لأنه يفتخر بتأمين الدعم من الحزبين لإسرائيل، ولكن لأن ذلك يعد الهدف الأساسى فى وجوده. فى الواقع السياسى لعام 2020، لا يحتاج أى شخص فعلا إلى الأيباك لضمان الدعم الجمهورى للسياسات الإسرائيلية اليمينية. فالمنظمات المسيحية الإنجيلية والمانحين الرئيسيين مثل الملياردير شيلدون أدلسون يؤمنون هذا الدعم. لكن النهج الدبلوماسى الرسمى لإسرائيل هو أن البلد يحتاج إلى دعم من الحزبين فى واشنطن، والتى تتغير فيها السلطة كل بضع سنوات بين الطرفين. أيباك، من جانبها، تقدم نفسها إلى الجهات المانحة ومؤيديها باعتبارها المنظمة الأكثر قدرة على توفير أقوى دعم لإسرائيل من جانب الحزبين.
يعتبر هجوم ساندرز على اللوبى بمثابة ضربة مباشرة لسياساتها. إذا حصل ساندرز على ترشيح الحزب الديمقراطي ــ وهو سيناريو مرجح للغاية، فى هذه المرحلة ــ فإن أيباك سيواجه تحديًا صعبا قبل انتخابات نوفمبر، وسيتم وضع سمعته فى الحصول على دعم الحزبين تحت اختبار صعب.
منذ تسعينيات القرن الماضى وجميع المرشحين للرئاسة من الديمقراطيين يتمتعون بعلاقات ودية مع أيباك. ألقت هيلارى كلينتون كلمة فى المؤتمر لعام 2016، عندما ترشحت ضد ساندرز فى الانتخابات التمهيدية؛ تحدث باراك أوباما فى أيباك فى عام 2008، خلال حملته الانتخابية الأولى، ومرة أخرى فى عام 2012 عندما سعى إلى إعادة انتخابه. ساندرز هو أول مرشح ديمقراطى يوجه مثل هذه الانتقادات القاسية إلى اللوبى. إذا تم ترشيحه، فسيكون أيضًا أول من يقاطع أهم تجمع سنوى للمنظمة.
إذا انتهى الأمر بانتخابات بين ساندرز وترامب سيكون الأمر كابوسا لأيباك، بسبب الاختلافات الشاسعة بينهم فيما يتعلق بإسرائيل. يستعد ترامب لإعطاء ضوء أخضر لإسرائيل لضم كل مستوطنة فى الضفة الغربية المحتلة ــ وهى خطوة من شأنها أن تغلق الباب فعليا على خيار إنشاء دولة فلسطينية بجانب إسرائيل. فى هذه الأثناء، يطالب ساندرز باستخدام المساعدات العسكرية التى تتلقاها إسرائيل من دافعى الضرائب فى الولايات المتحدة كأداة ضغط للحد من توسيع المستوطنات والدخول فى مفاوضات جادة مع الفلسطينيين.
أيباك ــ الذى يدعم رسميا حل الدولتين للنزاع الإسرائيلى الفلسطيني ــ سيجد أنه من الصعب الحفاظ على علاقته مع الحزبين فى حالة المواجهة بين ساندرز وترامب. فإدانة ساندرز بسبب آرائه ستكون مكلفة، لأنه سيعنى خوض نزاع مع مرشح الحزب الديمقراطى للرئاسة الذى ينتمى إليه العديد فى جميع أنحاء البلاد والذين من الممكن أن يثأروا له. فى مثل هذا الموقف سيعد ترامب مصدر إزعاج كبير لأيباك. ومن الممكن أن يتم اتهام اللوبى، لأول مرة، بعدم الحياد مما سيهدد سمعته فى الحصول على دعم الحزبين.
لكن ساندرز، فى الواقع، مجرد مشكلة قصيرة الأجل لأيباك، بغض النظر عن نتائج الانتخابات. لا تنحصر مشكلة أيباك الكبيرة وعلى المدى الطويل بسياسى معين، ولكنها مشكلة جيل. بشكل عام، يتمتع ساندرز بشعبية كبيرة بين الشباب الأمريكى، كما لوحظ فى الدعم الذى تلقاه فى المؤتمرات الحزبية والانتخابات التمهيدية حتى الآن. علاوة على ذلك، تظهر استطلاعات الرأى العام الوطنى أن الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا يفضلون فوزه بأغلبية ساحقة على ترامب.
بشكل عام، يميل الأمريكيون فى هذه الفئة العمرية اليوم إلى أن يكونوا أكثر ليبرالية ويسارية مقارنة بالجيل الذى يكبرهم سنا، والدعم الواسع الذى يتمتع به ساندرز داخل هذه الفئة مثال على ذلك. وينطبق هذا أيضًا على المجتمع اليهودى الأمريكى، باستثناء المجتمع الأرثوذكسى الأكثر ميلًا إلى اليمين. حتى بين المسيحيين الإنجيليين، يبدو أن أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا يحملون وجهات نظر أكثر تقدمًا وأقل تأييدًا لترامب والحزب الجمهورى مقارنة بآبائهم.
لذلك، فإن الصدام بين ساندرز وأيباك هذا العام لن يضر فقط بصورة اللوبى كضامن لدعم الحزبين، ولكن قد تعيد تعريف المنظمة لجيل كامل من الناخبين الأمريكيين.
من المحتمل أن تنجو أيباك من الضرر الذى ستحدثه سنة انتخابية قاسية. لكن التصدع بين الأجيال حول إسرائيل سيؤدى إلى أضرار طويلة الأمد. إذا كانت جماعة الضغط تريد أن تبقى ذات صلة بالديمقراطيين ــ ليس فقط فى عام 2020، ولكن بعد ذلك ــ فهى بحاجة إلى الاستعداد لهذا الواقع الجديد.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved