السيسى ومجلس النواب.. الخيار الأخير

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: الأحد 29 مارس 2015 - 9:55 ص بتوقيت القاهرة

منذ أن حسم الرئيس عبدالفتاح السيسى معركة الرئاسة فى يونيو الماضى ومصر تترقب الانتهاء من الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق حتى تستكمل مؤسساتها الدستورية، وينتقل السجال السياسى من الشارع والفضائيات إلى قاعة البرلمان الذى كان من الفترض أن تبدأ جلساته منذ أكثر من 6 أشهر وفقا للمادة 230 من الدستور.

البرلمان، وفقا للدستور الجديد، شريك لرئيس الدولة فى إدراة شئون البلاد، بدءا من تشكيل الحكومة مرورا بإقرار السياسة العامة والموازنة والخطة، وصولا إلى اتخاذ قرار الحرب، فضلا عن دوره الأصيل فى التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.

الصلاحيات الواسعة التى منحها الدستور للبرلمان، دفعت عددا من دوائر الدولة إلى التفكير فى ترحيل الانتخابات، حتى لا تنشئ سلطة جديدة تنازع الرئيس صلاحياته وسلطاته.

بطلان عدد من مواد قوانين الانتخاب الثلاثة، لا يوجد له إلا تفسيران الأول عدم احترافية الُمشرع الذى صاغ تلك القوانين وهو ما قادنا إلى حكم «الدستورية»، الثانى أن يكون المشرع قد عمد إلى تفخيخ تلك القوانين حتى تتعطل العملية الانتخابية، وتظل سلطات البرلمان كاملة فى يد الرئيس.

أحد السياسيين البارزين قال فى جلسة خاصة قبل 5 أشهر إن «بعض دوائر الدولة لا تريد برلمانا يعرقل مسيرة الرئيس، وتسعى بكل الطرق إلى ترحيل العملية الانتخابية لتجرى فى 2015 لحين حسم بعض الملفات المهمة المفتوحة»، وبالرغم من بدء إجراءات العملية الانتخابية فإن الرجل ذاته طالبنى بعدم التعجل وانتظار حكم «الدستورية» الذى أبطل بالفعل عددا من مواد قوانين الانتخاب، وأوقف العملية الانتخابية لحين إعادة النظر فى تلك القوانين.

فى جلسات مؤتمر «الشروق» التى جرت نهاية العام الماضى اتفقت معظم القوى السياسية على تعديل قوانين الانتخاب التى أبطلتها «الدستورية» لاحقا، وانتهت الورقة الختامية للمؤتمر إلى عدة توصيات، أبرزها تعديل النظام الانتخابى؛ فالقانون منح «الأفراد» 80% من مقاعد «النواب»، وهو ما كان سيسفر عنه برلمان خالٍ من الساسة، رغم أن الدستور شدد على أن «النظام السياسى قائم على التعددية السياسية والحزبية».

ما توافقت عليه القوى السياسية التى تنتمى إلى ثورة 25 يناير وامتدادها فى 30 يونيو كان سيضع قاعدة تسمح بتشكيل برلمان سياسى متوازن، يمارس دوره ويدعم بناء دولة ديمقراطية، وهو ما لم تقبله بعض الأجهزة فخرجت قوانين انتخاب مشوهة، خلقت واقعا سياسيا أكثر تشوها، ولو استمرت العملية الانتخابية لنتج عنها برلمان يضم بقايا رجال مبارك وحزبه وعددا من القوى التقليدية من كبار العائلات والمنتسبين إلى التيارات الدينية.

لن أكرر ما ردده بعض السياسيين من تدخل أجهزة أمنية لمنع مرشحين وسحب آخرين من بعض التحالفات، وتفكيك قوائم وإعادة تركيبها «فى حب مصر»، لكنى أجزم أن برلمانا بهذا التشكيل كان سيمثل نقطة انطلاق نحو منزلق جديد للدولة المصرية، فالصراع السياسى سيستمر فى الشارع، وتهميش قوى الثورة والشباب كان سيدفعهم إلى البحث عن طريق آخر، وما جرى بعد تشكيل برلمان 2010 لايزال ماثلا أمام الجميع.

جاء حكم المحكمة الدستورية لينزل بردا وسلاما على العملية السياسية ويعيدنا إلى المربع صفر وسمح بإعادة النظر فى القوانين المنظمة لقواعد اللعبة، والكرة الآن فى ملعب الرئيس السيسى إما أن يضع قواعد لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى يذكرها دائما فى خطاباته ومن ثم فعليه توسيع المجال السياسى ليشمل معارضيه أو يعيدنا لدولة مبارك بوجوهها وسياستها، وفى هذه الحالة النهاية محسومة سلفا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved