دروس سفينة السويس

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 29 مارس 2021 - 7:40 م بتوقيت القاهرة

رغم أن أزمة سفينة «إيفر جيفن» الجانحة فى قناة السويس بدأت فى الانفراج أمس، واستجابت بشكل كبير لمحاولات تعويمها، إلا أن الكثير من التساؤلات والشائعات التى صاحبت هذه الأزمة، ستظل أصداؤها عالقة بلا إجابة ولا حسم فى حياتنا السياسية والاقتصادية حتى إشعار آخر.
هناك تساؤلات مشروعة حول السبب الحقيقى لجنوح السفينة التى لها «سوابق» فى الجنوح والارتطام بسفن أخرى حول العالم، هل هو خطأ فنى فادح ارتكبه قبطانها؟ وهل هذا الخطا غير مقصود أم انه كان يخطط فعلا لتعليق الملاحة فى القناة؟ وما هو الدور الذى لعبه الجانب المصرى.. هل وفرنا المعدات اللازمة لتعويمها بسرعة؟ وهل سنضطر لدفع تعويضات ضخمة لأكثر من 450 سفينة لم تستطع استكمال رحلاتها فى الوقت المحدد لها، أم أننا سنحصل على تعويضات من الشركة المالكة للسفينة؟
لكن الأمر فى الكثير من التحليلات التى امتلأت بها الصحف والمواقع العالمية تعدى هذه التساؤلات إلى الحديث عن ضرورة إيجاد بدائل لقناة السويس، البعض تحدث عن محاولات روسية لشق قناة فى الجليد باستخدام كاسحات نووية توفر المسافة التى تقطعها السفن بين قارتى آسيا وأوروبا عبر السويس، والبعض تحدث عن إعادة إحياء قناة إسرائيلية بين ميناءى أشدود على البحر المتوسط والعقبة على البحر الأحمر. وهناك من تحدث عن اتفاق بين إحدى الدول الخليجية وإسرائيل لإنشاء خط سكك حديد ليمر السعودية لينقل البضائع عبر أسيا وأوروبا والعكس.
قد يرى البعض أن هناك مبالغات فى مدى قدرة هذه المشاريع على منافسة قناة السويس فى حركة التجارة العالمية، لكن الامر اللافت للانتباه هو ما أشارت إليه بعض التحليلات من أن هناك مؤامرة من أطراف متعددة ــ بعضها عربى بالمناسبة ــ وقفت وراء جنوح السفينة، وهى تستهدف ضرب الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس، عن طريق وضع العراقيل أمام تنفيذ مشروع تنمية محور قناة السويس الذى يستهدف تحويل المنطقة إلى مركز لوجيستى عالمى، وإقامة عشرات إن لم يكن المئات من المشروعات الزراعية والصناعية والخدمية، وتوطين الكثير من الصناعات التكنولوجيا القادرة على غزو الأسواق العالمية بأسعار منافسة، وهو ما يسحب البساط من تحت أقدام المشروعات المماثلة فى المنطقة.
دروس سفينة قناة السويس كثيرة، لكنها رغم الازمة التى تسببت فيها فقد مهدت أمامنا الطريق لكى نعيد الاعتبار لأهمية توفير المعدات اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات الكارثية، أما الأمر الكثر اهمية فهو أن نبدأ فورا وليس غدا وبأقصى همة فى الخطوات التنفيذية لمشروع تنمية محور قناة السويس، الذى سيوفر لمصر ثقلا اقتصاديا يعطيها المزيد من النفوذ السياسى على المسرح العالمى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved