عصر ما بعد المضادات الحيوية

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 29 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

إلى أى مدى يمكن أن تتراجع صحة الإنسان إذا ما انتهى تأثير المضادات الحيوية ولم يكن هناك سلاح بديل لمواجهة خطر العدوى والأمراض المعدية؟ سؤال بالغ الأهمية تطرحه الآن مؤسسات  علمية تهتم بالشأن الصحى. منظمة الصحة العالمية، مركز مكافحة الأمراض الأمريكى، معهد الصحة القومى الأمريكى، وزارة الصحة البريطانية تشاركت الاهتمام هذا الأسبوع بتلك القضية الصحية الخطيرة: ماذا بعد المضادات الحيوية؟

 

جرح صغير فى إصبعك قد يكلفك حياتك.. فما بالك بعملية جراحية لاستبدال مفصل الحوض فى غياب المضادات الحيوية؟ الواقع ان المضادات الحيوية تنسحب ويغيب أثرها الفعال فى مواجهة تلك المقاومة الشرسة التى تبديها الباكتيريا فى قتالها دفاعا عن قدراتها فى أذى الإنسان. تراجعت علاجات كثيرة كان اسخدام المضادات الحيوية فيها أمرا نافذا. من تلك الأمراض الباكتيرية المعدية على سبيل المثال مرض التدرن الرئوى الذى أصبح علاجه يحتاج لثلاثة أنواع مختلفة من المضادات الحيوية على الأقل ولفترة طويلة دون نتائج أكيدة فى الشفاء.

 

تراجع تأثير المضادات الحيوية لا ينحصر فقط فى مقاومة الباكتيريا وتجددها الدائم فى سلالات أكثر قدرة على المواجهة انما أيضا لأن كل ما ينتج من المضادات الحيوية الجديدة انما ينتمى لمجموعات دوائية قديمة. أحدث المجموعات التى تم اكتشافها من المضادات الحيوية تعود إلى عام 1980. فهل يطرح العلم قريبا رؤية جديدة فى العلاج تحل محل المضادات الحيوية؟

 

تظل الوقاية خيارا قائما يجب دعمه بقوة فإلى جانب اسلوب الحياة الصحى الذى يدعم بنيان الجسد وجهازه المناعى، هناك أيضا اللقاحات الواقية التى كانت من القوة والكفاءة التى تحد من وجود أمراض قاتلة كالجدرى والجذام. أهمية تناول اللقاحات الواقية خاصة لمن هم أكثر عرضة من غيرهم لأخطار العدوى كالأطفال وكبار السن والسيدات الحوامل كانت دائما الفكرة التى يجب التأكيد عليها. أعلنت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضى أسبوعا عالميا للتطعيم دعت فيه إلى التأكيد على اهتمام العالم على مستوى الحكومات والإنسان بأثر اللقاحات المختلفة على صحة الإنسان وتوفير الوقاية اللازمة له فى مواجهة المرض.

 

اللقاحات الواقية قضية صحية مهمة تتمنى لو أدرجتها وزارة الصحة على رأس قائمة أولوياتها خاصة اللقاحات الجديدة المقاومة لأمراض الجهاز التنفسى والالتهاب الرئوى الذى يعد السبب الأول لوفيات الأطفال ما دون سن الخامسة. اللقاح الحديث يدعم الوقاية من الالتهاب الرئوى والالتهاب السحائى والتهاب الأذن الوسطى وكلها أنواع من بكتيريا المكورات الرئوية Pneumococci.

 

مازالت أقوال القدماء تثبت أن للتاريخ حكمته: الوقاية خير من العلاج.. بلاشك قول صالح لكل العصور حتى إذا ما كان هناك عصر قادم لما بعد المضادات الحيوية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved