«الاثنين الأسود».. هشاشة الصناعة النفطية أم فقاعة فى أسواق «البراميل الورقية»؟

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 29 أبريل 2020 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى تحليلا لما حدث من انخفاض لسعر النفط الأمريكى فى غرب تكساس إلى ما دون الدولار... جاء فيه ما يلى:
من الصعب أن يمر يوم «الاثنين الأسود»، المصادف 20 إبريل 2020، مرور الكرام على الصناعة النفطية، فهو اليوم الذى سجل فيه نفط غرب تكساس الوسيط المؤشر أسعارا سلبية تقل عن دولار واحد. وقد اختلفت التفسيرات لهذا الحدث التاريخى، حيث بيع برميل النفط بأقل من الدولار وبأسعار سلبية.
وصدرت تفسيرات متعددة حول الحدث، فهل السبب وهن الصناعة النفطية العالمية فى أثناء أزمة «كوفيدــ19»، أم أن السبب التعاملات والمضاربات فى الأسواق المستقبلية للأوراق البترولية ليوم واحد لنفط غرب تكساس فى بورصة نيويورك؟
تباينت الآراء حول سبب الحدث وانعكاساته على الصناعة النفطية. ووصفت معظم وسائل الإعلام الحدث بالتاريخى، نظرا لتدهور سعر نفط خام غرب تكساس الأمريكى الوسيط نحو 55,90 دولار للبرميل، ليسجل رقما قياسيا متدنيا سلبيا إلى نحو ناقص 37,63 دولار للبرميل، ومن ثم هبط إلى ناقص 40 دولارا للبرميل. وتعد هذه الأسعار السلبية الأقل من الدولار الواحد تاريخية لهذا النفط الأمريكى المؤشر الذى يقاس على أساسه باقى النفط الأمريكى. وكما هو متوقع فى حدث مهم كهذا، أبرزت شاشات ملايين الكومبيوترات والتلفزيونات حول العالم الخبر: انهارت أسعار النفط إلى أقل من دولار.
يقول الخبير النفطى الرئيس السابق لمؤسسة «سومو» لتسويق النفط العراقى، رمزى سلمان، فى مذكرة له حول الأمر: «كان توفر النفط الخام من دون بدل، وحتى بأسعار (سالبة) فى بعض المناطق من العالم، حدثا تاريخيا ألهب خطوط أجهزة الإعلام. هل من المعقول أن تتدهور الأمور إلى درجة أن يصبح الحصول على الذهب الأسود من دون بدل، أو حتى بأسعار (سالبة). النفط كأى سلعة أو مادة استهلاكية يتأثر سعرها بموازنة العرض والطلب. ما حدث مؤخرا، وليوم واحد، كان بيعا محدودا من براميل النفط، المتعاقد عليها ورقيا، والواجب تسلمها فى الوقت المحدد عقديا فى صورة براميل حقيقية. ولكن بسبب عدم تمكن المشترى من إيجاد مستهلك أو موقع تخزين للكميات الواجبة التسلم، اضطر لدفع مبالغ قاربت 40 دولارا عن كل برميل لمن يقوم بتسلم الكميات للخزن أو الاستهلاك، وحتى الحرق، الأمر الذى جعل خسارة التاجر المتورط مجموع ما دفعه أصلا عن كل برميل (20ــ30 دولارا)، وما دفعه لمن تسلم النفط، وهو ما يمكن عده غرامة لسوء قراءة السوق، أو الجشع انتظارا لارتفاع الأسعار بعد اجتماع (أوبك) ومنتجين آخرين».
ومن المفيد أن نذكر أن مستويات الإنتاج لأعضاء «أوبك» وغيرهم خلال السنة الماضية كانت مرتفعة، وتقترب من الطاقات القصوى لمعظمهم، وبالتالى كان العرض يفوق الطلب حتى نهاية 2019. ومع إعلان غزو الفيروس، والاحتياطات والإجراءات التى اتخذتها الدول المختلفة منذ يناير 2020، بدأ الطلب على النفط الخام بالانكماش السريع، وتوجهت الأسعار نحو الانخفاض. ولعدم تمكن المنتجين من بيع إنتاجهم، لجأ معظمهم إلى التخزين على اليابسة والناقلات العملاقة. كما استغلت المصافى الأسعار المنخفضة لتعزز خزينها التجارى، وكذلك بعض الحكومات لزيادة خزينها الاستراتيجى، الأمر الذى يبرر عدم وجود طاقات خزن غير مستغلة.
وفى نهاية الأسبوع، يوم الجمعة المصادف 24 أبريل، ارتفعت أسعار نفط برنت المؤشر للمرة الثانية فى الأسبوع. والسبب فى الارتفاعين، بحسب وكالة «رويترز»، هو إعلان الكويت ودول أخرى عن قرارها تعديل معدل إنتاجها، وموافقة الإدارة الأمريكية على حزمة ضخمة ثانية من المساعدات لمكافحة الفيروس. فقد ارتفع سعر نفط برنت نحو دولار، أو 5 فى المائة، ليصل إلى 22,40 دولار. كما ارتفع أيضا سعر النفط الأميركى نحو 1,12 دولار، أو نحو 7 فى المائة، ليصل إلى 17,62 دولار فى نهاية الأسبوع. وهذه الأسعار تتراوح طبعا فى مستويات دنيا لها عموما بسبب الكساد الاقتصادى الناتج عن الفيروس، والإغلاق العام فى كثير من دول العالم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved