الوحدة أساس التصدى لصفقة القرن

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الجمعة 29 يونيو 2018 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

لم يعد خافيا ما ترمى إليه صفقة القرن، فكل ما تســـرب من معالمها يشير إلى أنها مطابقة لنوايا حكومة نتنياهو فى تصفية عناصر القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى، بتكريس ضم وتهويد القدس، وإلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة، وتحويل فكرة الدولة الفلسطينية إلى مجرد سجن محاصر فى قطاع غزة، وغتيوات مجزأة على أقل من ثلث الضفة الغربية، وبما يفتح الباب لضم المستوطنات و62 فى المائة من الضفة الغربية لإسرائيل، مع بقاء الأراضى المحتلة تحت الهيمنة العسكرية والأمنية والاقتصادية الإسرائيلية.

إنها وصفة لاستمرار الاحتلال، ولإنشاء بنيان دولة واحدة بنظام أبارتهايد عنصرى ضد الشعب الفلسطينى، وهدفها المركزى تطبيع العلاقات بين دول المنطقة وإسرائيل المحتلة والعنصرية، على حساب الشعب الفلسطينى، وبهدف تصفية قضيته الوطنية.

لكن هناك عناصر أخرى لخطة صفقة القرن يجب التنبه لها، ففى ظل تعثر محاولات التطبيع بسبب المعارضة الفلسطينية
لإدارة ترامب وصفقته، ستنصب الجهود والضغوط بكل أنواعها على السلطة الفلسطينية لدفعها للقبول بالبدء بدورة مفاوضات جديدة.

وسيقال للفلسطينيين باستطاعتكم أن تطرحوا ما تشاءون من مواقف ولكن تعالوا إلى طاولة المفاوضات حتى لا تبدوا أمام المجتمع الدولى رافضين السلام، وسيرفع شعار «المفاوضات من دون شروط مسبقة» لضمان استمرار التوسع الاستيطانى، وتدفق القوانين العنصرية، وعمليات تغيير الأمر الواقع على الأرض لمصلحة الضم والتهويد الإسرائيلى.

ما تحتاجه الإدارة الأمريكية هو وجود طرف فلسطينى على طاولة المفاوضات، بما يمنح الغطاء لأمرين: التوسع الاستيطانى والتهويد أولا، والتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل ثانيا.

وكالعادة ستسعى إسرائيل وحلفاؤها إلى استمرار المفاوضات لعقود من دون نتيجة سوى تمرير التطبيع والتهويد.

وبالتوازى مع ذلك، ستستمر محاولات استغلال معاناة قطاع غزة والانقسام الفلسطينى لاختراق الجبهة الفلسطينية بتطوير خطة اقتصادية تتفرد بقطاع غزة، وبمعزل عن المؤسسات الفلسطينية، مع تكرار الادعاءات والأوهام الكاذبة التى سمعناها سابقا بعد توقيع اتفاق أوسلو عن تحويل غزة إلى سنغافورة جديدة، والهدف المركزى لكل ذلك تكريس فصل غزة عن الضفة الغربية والقدس وعن سائر فلسطين، والترويج لفكرة دويلة غزة التى لن تكون سوى سجن محاصر ومحكوم بإرادة دولة الاحتلال.

لم يعش جيلنا مأساة النكبة عام 1948، لكننا تعلمنا فى صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية أن أحد أهم أسباب نجاح الحركة الصهيونية فى تمرير الاستيطان ومن ثم النكبة، كان ضعف القيادة الفلسطينية، والانقسامات التى عششت فى صفوفها، وأتقن الاستعمار البريطانى ومن ثم الحركة الصهيونية استغلالها.

لذلك، وإذا أردنا أن نمنع نكبة جديدة اسمها «صفقة القرن» قد تكون آثارها أسوأ من نتائج نكبة عام 1948، فإن علينا أن نجد بسرعة الوسيلة لإنهاء الانقسام الذى ينخر صفوفنا منذ أحد عشر عاما ويتفاقم كل يوم بخلق انقسامات فرعية جديدة.
لا سبيل أمامنا للنجاح سوى إنهاء الانقسام وإعادة بناء قيادة وطنية موحدة، فى إطار الممثل الشرعى المعترف به، منظمة التحرير الفلسطينية.

ولا سبيل لضمان المشاركة الشعبية الفاعلة فى التصدى لصفقة القرن، إلا بإعطاء الشعب حقه المشروع فى الانتخابات الديموقراطية الحرة، الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطنى الفلسطينى.

مصطفى البرغوثى
الحياة ــ لندن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved