القانون الغائب

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: السبت 29 أغسطس 2009 - 9:25 ص بتوقيت القاهرة

 أصبح غياب القانون عنصرا أساسيا فى الأعمال الدرامية بشتى أنواعها وتوجهاتها وأفكارها، بات المؤلفون يركزون على سمة أساسية فى أبطالهم ويبالغون كثيرا فيها، وهى كونهم يمارسون حياتهم ويحققون أهدافهم بطرق غير شرعية.. يتلاعبون بكل شىء وكأنه من حقهم حتى العبث بمقدرات من حولهم من بشر.

«لا وجود للقانون» أصبح شعارا كبيرا لدى أبطال الدراما حتى وإن كان انعكاسا لواقع، فهو ليس الواقع كله.. وإلا أصبح «قانون الغابة» هو السائد والمسيطر، وهو أيضا المنهج الذى يغرى كل من يحلم بتحقيق ذاته، ومكانة أفضل من الأجيال الجديدة التى تتأثر بما تشاهده من نماذج.

لن أدعى أننى أعيش فى مجتمع مثالى يخلو من الخطيئة ومن أناس يبنون أطماعهم ومجدهم على حساب آخرين، لكن تبقى هذه النماذج غير إنسانية، دائما نماذج شاذة وطرح لخطايا العصر، ولا يجب أن تفخم الصورة الدرامية منها، وتمنحها مزيدا من البريق حتى لا تتحول للنموذج المثالى الذى «إذا كان عليك أن تكون كبيرا لابد أن تكون مثله خارجا على القانون».

حتى إذا أطاحت بهم النهايات الدرامية على طريقة انتصار الخير على الشر، فهى فى واقع الأمر نهاية، وليست بداية.

.. نهاية تطيح بما نؤمن به وبما عبر عنه الشاعر قائلا: «ما نحن فى بحر طغت حيتانه.. أو نحن فى غاب شريعته الدم.. إنا نعيش حضارة بنيت على دين يقيم العدل لا يتهدم».

الشىء الآخر فى ظل سيادة قانون الغابة الدرامية هو طرح النموذج الإيجابى فى صورة سلبية للغاية..

بل وفى معظم الأوقات يتحول لشخصية كاريكاتورية ينهشها الزمن، وتنهش هى نفسها بفعل صمتها وخوفا وتراجعها، ولم يعد أمامه خيار إما أن يدخل عالم الفهلوة والزيف والشر ليسترد حقه أو يستسلم لينال منه المزيفون.

الدراما شىء مهم لتشريح مجتمع.. لكنها فى الوقت نفسه عليها أن تضمد جراحا وتحيى أحلاما.. عليها أن تكون متوازنة فى العدل بين الأمل واليأس فى لعبة الخير والشر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved