حرية الفتنة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأربعاء 29 سبتمبر 2010 - 10:09 ص بتوقيت القاهرة

 بدون شك ساهمت العديد من القنوات الفضائية، مصرية وعربية، عبر صورة وفكر مشوشين فى اتساع دائرة نار الفتنة الطائفية على أرض مصر، بل ومحاولة تأصيلها وتثبيت واقعيتها مستقبلا بدون وعى أو إدراك أو تحليل أو رصد دقيق وأمين للوقائع والوقوف على حجمها الحقيقى.

بدت الصورة التليفزيونية فى سباقها المحموم نحو مزيد من الإثارة والسخونة كمشهد سينمائى شديد الفقر فى رؤيته ومضمونه الفكرى رغم كم الإثارة البصرية التى تعبث بقصد وبدون استقرار وطن.

فتح هذا المشهد مزيدا من الجروح لدى فئات عديدة من المشاهدين المصريين كانت تملك حصانة فطرية ضد أى فتن طائفية مقلقة كالتى نشهدها اليوم وعمق من جروح قديمة، وتحولت متعة المتابعة إلى كابوس تهتز له المشاعر بفضل المبالغة الفجة فى إظهار الصورة وتضخيم وتصعيد لغة الحوار.

خرج المشهد فى إطار فيلم مزعوم ومدعوم بحرية التناول والرؤية، وفى إطار السباق نحو جذب العديد من المشاهدين والفرقعة الإعلامية، وتحت دعاوى إظهار الحقائق وعدم التستر على واقع من باب المواجهة مع النفس والبحث عن مخرج وعلاج، وتناست القنوات الفضائية فى إخراجها لمشهد الفتنة الطائفية وتصاعد موقف حرب البيانات بين الكنيسة ومجمع البحوث الإسلامية أن هناك أصولا وقواعد مهنية وحرفية وإنسانية وبعد نظر فى تناولها لمثل هذا الحدث، الذى شاهدنا فيه صورا وتصريحات وتعليقات لكل من هب ودب، لكل من كان له علاقة بالقضية أو لا، وأصبحنا لا نعرف: هل نحن أمام شاشة حقيقية ترصد وتتابع بأمانة وإدراك وفهم ومسئولية هذا السرطان المدمر لأمة «الفتنة الطائفية» والذى خرج من سباته أكثر قوة بفضل تفشى أمية كبيرة طالت وجدان وعقول مثقفين وسياسيين وإعلاميين ورجال دين؟!.. أم نحن أمام فيلم مقاولات استغل ضعف الزمن ولحظة يعيش فيها الشارع الاجتماعى والسياسى والثقافى حالة تخبط وجدها صناعه فرصة حقيقية لتحقيق رواج كبير وسيطرة على شباك الرأى العام؟.. إنه حقا فيلم رخيص.

إننا جميعا مع حرية الإبداع بمختلف رؤاه وأشكاله وأفكاره، ولكن اذا افتقدت هذه الرؤى والأفكار لنظرية الوعى وقيمة التأثير السلبى والإيجابى فقد تنقلب الصورة وتكون لهذه الحرية فتنة أشد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved