الشرق الأوسط ــ لندن تجاذبات سياسية تعرقل موازنة بايدن للإصلاحات والطاقات المستدامة

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 29 سبتمبر 2021 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب العراقى وليد خدورى تناول فيه تأخر الولايات المتحدة فى إقرار موازنتها العامة، والتى تركز على تبنى اقتصاد حديث يعتمد على الطاقات البديلة، وهو الأمر الذى من الممكن أن يؤثر على سعيها للعب دور فعال فى حل أزمة تغير المناخ... نعرض منه ما يلى.
أعلن رئيس الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، تشارلز شومر، فى 23 سبتمبر 2021، عن توصل البيت الأبيض ومجلسى الشيوخ والنواب إلى اتفاق حول «هيكل» دفع مصاريف الموازنة الضخمة التى اقترحتها إدارة الرئيس بايدن لتبنى اقتصاد أمريكى حديث من برامج الطاقات البديلة والبنى التحتية ولزيادة وتحسين فرص العمل، وتوسيع نطاق الضمان الصحى ومساعدة الفئات الضعيفة فى المجتمع. تبلغ قيمة مجمل البرامج الإصلاحية 3.5 تريليون دولار، منها تريليون دولار للطاقات المستدامة.
ويشكل الاتفاق «الهيكلى» بحسب السيناتور شومر تفاهما لكل من رؤساء اللجان المختصة فى مجلسى الشيوخ والنواب مع البيت الأبيض على كيفية تجميع هذا المبلغ الضخم وتسديده للموازنة العامة للدولة. إلا أن الرئيس بايدن سارع بعد 24 ساعة من بيان رئيس حزبه فى مجلس الشيوخ للإعلان عن وجود «مأزق» قد يؤخر الموافقات اللازمة ومن ثم التصويت. كان من المفروض التصويت فى الكونجرس على هذه الموازنة التى تهدف تحقيق أجندة الرئيس بايدن الاجتماعية والاقتصادية قبل نهاية هذا الشهر.
من الجدير بالذكر، أن مجلس الشيوخ كان قد وافق على برنامج وموازنة الرئيس بايدن بأكملها (الإصلاحات والطاقات المستدامة) فى أوائل شهر سبتمبر 2021. هذا، بينما وافق لاحقا مجلس النواب على موازنة برامج الطاقات المستدامة. لكن ارتأى النواب الليبراليون الديمقراطيون، إجراء مشاورات إضافية قبل التصويت النهائى على مجمل الموازنة. إذ سيواجه أعضاء مجلس النواب الانتخابات النصفية فى خريف العام المقبل، من ثم ترددهم على فرض ضرائب إضافية عالية على المواطنين قبيل الانتخابات المقبلة لخوفهم على إمكانية فوزهم ثانية.
أدى الاختلاف ما بين بعض النواب الديمقراطيين والبيت الأبيض، ناهيك عن انتقادات الشيوخ الجمهوريين، والتباين حول تغطية موازنة التأمين الصحى، ومدى الالتزام بتحسين المناخ، ورعاية المسنين والأطفال، إلى الفزع والتخوف لدى الإدارة الأمريكية من تأخر إقرار الموازنة هذه قبل فترة معقولة قبل مؤتمر الأمم المتحدة المناخى (كوب ــ 26) فى جلاسكو خلال شهر نوفمبر المقبل، الأمر الذى قد يؤدى إلى فقدان واشنطن ريادة سياسة بيئية ــ مناخية واضحة أثناء المؤتمر، مما قد يفقدها الإمكانية للعب دور فعال.
أعلن الرئيس الأمريكى وإدارته خلال الأشهر الماضية الخطوط الرئيسية لسياسته المناخية ــ البيئية، التى تشمل على سبيل المثال وليس الحصر، التالى:
طلب بايدن أن تشكل مبيعات السيارات الجديدة ذات صفر الانبعاثات بحلول 2030 حوالى 50 فى المائة من مجمل مبيعات السيارات فى الولايات المتحدة. كما طالب تخصيص 7,50 مليار دولار لتشييد محطات لشحن بطاريات السيارات الكهربائية والهجينة على مدى الولايات المتحدة. وبالمناسبة، طالب بايدن مجموعة أوبك بلس زيادة الإمدادات النفطية فى الأسواق فى نفس الوقت الذى أوقف فيه مشاريع أنابيب بترولية فى بلاده نتيجة ضغوط داخل حزبه. وطالب أيضا تخفيض سعر البنزين فى السوق الأمريكية.
من الجدير بالذكر، أن بايدن قد وقع فعلا على قرار تنفيذى لكى تشكل مبيعات السيارات صفر الانبعاثات نصف مبيعات السيارات الجديدة فى أمريكا بحلول عام 2030، وفيما يتعلق بتشييد محطات لشحن البطاريات، فهذا الأمر هو ضمن مشروع الموازنة التى وافق عليها مجلس الشيوخ. أما فيما يتعلق بالنسبة لإمدادات مجموعة أوبك بلس، فالدول المنتجة تحاول جاهدة مراعاة عوامل العرض والطلب والمحافظة على استقرار منحى الأسعار، بالذات خلال جائحة (كوفيد ــ 19) التى تتذبذب الإصابات فيها صعودا ونزولا من منطقة إلى أخرى دون سابق إنذار، مما يستوجب على الدول المنتجة تبنى سياسة حذرة فى ظل الأسواق المضطربة. ما يلفت الانتباه هنا، أن واحدا من أول قرارات الرئيس بايدن فى البيت الأبيض هو إيقاف العمل فى تشييد خط أنابيب «كيستون» الضخم الذى كان سينقل نفط الرمل القارى الكندى لتغذية الولايات المتحدة ومن ثم التصدير عبر خليج المكسيك. أما فيما يتعلق بسعر البنزين المحلى، فهذا قرار أمريكى داخلى بحت لا علاقة مباشرة للدول الأخرى به. فمن الممكن للإدارة الأمريكية زيادة أو تقليص سعر البنزين من خلال الضرائب. ومن الجدير بالذكر أن سعر البنزين فى الولايات المتحدة هو حوالى ثلاثة دولارات للجالون، أو حوالى دولار واحد للتر. وهو من أدنى الأسعار للبنزين فى العالم، باستثناء أسعار بعض دول أوبك.
ارتبط موضوع المواصلات فى الموازنة بتشييد البنى التحتية للطرق والجسور. وقد زاد تأثير انبعاثات المواصلات على الاحتباس الحرارى فى الولايات المتحدة عن مجمل الانبعاثات من محطات الكهرباء بحسب دراسة فى عام 2017، الأمر الذى خلق الكثير من الجدل حول نماذج مشاريع المواصلات الجديدة وتكلفتها.
وأولت إدارة بايدن الأولوية لتحسين المناخ وتقليص الاحتباس الحرارى. لكن فى نفس الوقت، ترفض الإدارة فرض ضريبة كربون، كما يقترح عدد كبير من الاقتصاديين الأمريكيين، من ضمنهم وزيرة المالية جانيت يلين. والسبب فى رفض الإدارة ضريبة الكربون هو زيادتها لتكاليف الإنتاج النفطى، مما سيعنى زيادة سعر البنزين، الأمر الذى يتخوف منه الرؤساء الأمريكيون، نظرا لتمسك المستهلك الأمريكى بأسعار بنزين ضئيلة وردود فعله السلبية تجاه السياسيين لهذا القرار.
شكلت قرارات بايدن المتناقضة بالضغط على صناعة البترول المحلية من جهة والطلب من أوبك زيادة الإنتاج، وفى دعم مبيعات السيارة الكهربائية من جهة أخرى فى نفس الوقت، لغطا كبيرا وانتقادات عنيفة لأهداف سياسات بايدن الطاقوية. وهذه التناقضات والانتقادات إن دلت على شىء، فهو صعوبة وتعقيدات مرحلة التحول الطاقوى، نظرا لتضارب المصالح والآراء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved