لأننا نحب جيشنا وقائده

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 30 أكتوبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

يضحك جوجل من قلبه إذا سألته عن «المؤسسة الوحيدة القادرة»، ولم تكمل الجملة. سيتطوع طابور بالمئات من حملة لقب الإعلامى الكبير والإعلامية القديرة بكتابة الباقى.

الوحيد القادر على إدارة البلاد فى هذه المرحلة، الوحيد القادر على مواجهة مخطط الإخوان، على التماسك فى بلد قد تفكك، إلى آخر الاشتقاقات اللغوية والرغوية، التى تخفى مخططا يدور على ثلاثة محاور، كل منها جحيم مكتمل بذاته.

أولا المتحدثون باسم عصر مبارك الذى دهس كرامة المصريين ولقمة عيشهم، يستندون الآن إلى أن يونيو هو الثورة وليست يناير، ومن ثم فقائدنا هو السيسى، وليس الشعب وانتفاضته. حملة الشعلة الإعلامية لعصر مبارك لم يختفوا أصلا. انتقلوا من صباح الخير يا مصر والبيت بيتك، إلى سى بى سى والتحرير وروتانا مصرية وغيرها، دون أن تطرف لهم عين. ولم يكن هناك بأس من التضحية ببعض الرموز السياسية فى طرة، «لبعض الوقت». والآن تلتئم أجنحة العصر المباركى سياسيا واقتصاديا وإعلاميا، وتواصل التحليق الذى لم ينقطع بثورة، أو بيان للتخلى عن الحكم.

الجحيم الثانى اتفاق أجنحة هذه المرحلة على استئصال المتعاطفين مع الإسلام السياسى، وبعضهم وقع فى فخ الربط بين أى لحية، وبين دين الله. والمتعاطف غير الضالع فى الفعل الإرهابى الذى يزور الآن شوارعنا وبيوتنا من المعادى للوراق. ولا مؤشر فى التاريخ أن الاستئصال كان حلا، والرد على كذب الإخوان وشططهم فى الخصومة، لا يكون بالكذب والشطط، لكن إعلام «مبارك ستايل» الذى نغرق فيه إلى ذقوننا، تعود على أن التحريض هو أقصر مسافة إلى كل الأهداف.

أما الجحيم ثالثا، وهو الكارثة الأكبر، فهو التأسيس لميلاد طاغية، أيا كان اسمه، غير قابل للنقد تلميحا أو تصريحا، «دكر» بالتعبير المبتذل، يروض البلد بمن فيها، ويعيد الأمن، فينام الجميع فى رحاب الأحلام السعيدة.

وأين المشروع؟

أين العيش والحرية والعدالة؟

المتصل من الإسكندرية فى برنامج فضائى وصف باسم يوسف بأنه عميل، وقال: لولا القوات المسلحة كان زمانا منداسين بالجزم. وأضاف المذيع من عنده: قلت لكم المرحلة دى عايزة دكر، وللمتغاظين من الكلمة دى، (واتسعت ابتسامته)، أقول لهم عندنا عبدالفتاح السيسى.

المتصل فرانسوا يقول إن السيسى هو كل الزعماء فى واحد، ناصر وزغلول وعرابى، ومن يتطاول عليه صرصار ندوس عليه.

لا يمكن أن يكون هذا الإعلام محبا للفريق أول السيسى ولا للقوات المسلحة، ولا نتصور أن تؤدى هذه المبالغات البلدى والمكشوفة إلى أن يزداد المعجبون بالسيسى.

قرب نهاية فترته الأولى كان مبارك يخضع لهجمة غواية محكمة من «رابطة صناع الطغاة»، كما وصفهم أستاذنا صلاح عيسى فى مقال له وقتها. المقال قرأ ما حدث لمبارك وعصره المديد فيما تلى ذلك، وهو يتحول إلى طاغية بأيديهم، ربما قبل أن يكون قد حسم أمره.

أنا من الإسماعيلية التى عرفت مرارة الحرب والتهجير، وعاد أبناؤها إلى بيوتهم المهجورة بقوة قلب الجندى المصرى، وأسطورته التى تقهر المستحيل. وأميز بين كيان يضم بعضا من خيرة أبناء الوطن، يتفرغون طواعية للدفاع عنه بحكم المهنة ورسالتها، وبين الحاجة إلى «مشروع» سياسى يعبر عن انتفاضتى المصريين فى يناير ويونيو، ويحولهما إلى ثورة حقيقية، ولا قوة فى الأرض ستمنع انتصار هذا الشعب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved