إعداد لائحة الشيوخ

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 29 أكتوبر 2020 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

يقوم مجلس الشيوخ فى الوقت الراهن بإعداد لائحته الداخلية، لائحة المجالس تخص تنظيم العمل، وأهميتها تكمن فى أنها تحدد كل الالتزامات والحقوق الخاصة بأعضاء المجلس، كما تحدد علاقات المجلس بالغير أيا كان هذا الغير تشريعيا أو تنفيذيا أو قضائيا. والأهم فى اللائحة أنها تحدد الدور الذى يقوم به المجلس، والذى سيؤديه فى النظام السياسى.
أهمية لائحة الشيوخ أنها تصدر بقانون، بمعنى أن اسمها لائحة، لكنها ليست لائحة قانون، بل قانون مستقل. من هنا تأتى إلزاميتها وقوتها، لذلك مهم عدم التعجل فى سنها، وأن يقوم الأعضاء وحدهم ودون غيرهم بكتابتها، أى لا تكون مفروضة عليه من أية جهة، صحيح أنه من المهم الاستعانة بالخبراء فى كتابة اللوائح، والاطلاع على اللوائح المشابهة فى النظم السياسية المتمدينة، لكن الثابت هو استقلال الشيوخ بكتابة لائحته.
منذ أيام قليلة بدأت تتضح ملامح لائحة الشيوخ، سرب بعض ما كتب لوسائل الإعلام، ومن هنا يمكن التعقيب. دستور 2012 المعدل عام 2019 وضع سلطات ضيقة لمجلس الشيوخ، ولم يقل ولو مرة أنه غرفة ثانية للبرلمان، أو أنه يشكل مع مجلس النواب جزءا من السلطة التشريعية، وأعطى غالبية وظائفه وعمله لما يحال له من خارجه، كل ذلك بالطبع جعله كما يرى كثيرون أنه مجلس استشارى، لا سيما وأن الدستور كرر فى أكثر من موضع كلمة «يؤخذ رأيه».
من هنا تأتى أهمية تفصيل دور المجلس، وتخليق وابتكار دور مميز فى كل ما لم يرد فى الدستور. بعبارة أخرى، على صناع اللائحة أن يسهبوا فى كل أمر لم يرد بالدستور، بحيث يتم توسيع دور المجلس، فيكون له وظيفة معتبرة فى النظام السياسى.
خذ على سبيل المثال سريان المادة 115 الخاصة بمجلس النواب على مجلس الشيوخ، وهذه المادة تختتم بكلمة «ولا يجوز ذلك (أى فض دورة المجلس السنوية) قبل اعتماد الموازنة العامة للدولة» هنا من المهم أن نمنح للمجلس دور أتت به المادة المذكورة مختصرا، ونتوسع فيه، لا سيما وأن المجلس به خبرات اقتصادية مهمة، تستطيع أن تناقش باستفاضة كل كبيرة وصغيرة فى الموازنة العامة للدولة.
خذ أيضا، دور المجلس فى المبادرة بتقديم الاقتراحات برغبة وطلبات المناقشة العامة، هنا المجلس يبدى رأيا، ويرسل ما يقدم إلى الحكومة، لكن هل هذا يكفى؟ ربما يكفى بالنسبة لمجلس النواب واسع الاختصاصات وكثير المهام، أما بالنسبة لمجلس الشيوخ، ذو المهام المحدودة مقارنة بمجلس النواب، فلديه الوقت الكافى هو وأعضاؤه لمتابعة ما تم عمله من الحكومة فى التوصيات التى حملتها طلبات المناقشة والاقتراحات برغبة. هنا انتزاع آخر للمجلس لسلطة أقرها الدستور، وترك تفصيل عملها للائحة الداخلية التى تعد الآن.
خذ كذلك، دور المجلس فى التعامل مع الحكومة، صحيح أنها ليست مسئولة أمامه، لكن الدستور أكد على وجود الحكومة فى المجلس ومتابعة مناقشات المجلس. هنا من المهم التأكيد على مواظبة وزراء الحكومة فى التواجد خلال الجلسات وداخل لجان المجلس، وأن يكون وزير شئون مجلس النواب، هو أيضا وزير لشئون مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
خذ أيضا، تقديم الأعضاء لطلبات مناقشة عامة، والتذكير بأن حكومات مبارك نحت بالعديد من توصيات مجلس الشورى جانبا، رغم أنها كانت مناقشات غاية فى الحرفية والجدية، وطالت كل مناحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، عبر عشرات التقارير الصادرة عنه، والتى حملت حلولا حقيقية لمشكلات مصر. هنا مهم أن نتعلم من الدرس الماضى فى عدة أمور. فلا نقوض حق الأعضاء فى تقديم طلبات المناقشة العامة كما هو يشرع له الأن فى مشروع اللائحة المنشور بعض مواده بشأن طلبات المناقشة، وكذلك مهم أيضا الإصرار على عدم مناقشة تلك الطلبات إلا بوجود وزراء الحكومة المعنيين بالقضايا محل النقاش، ومهم كذلك متابعة التنفيذ.
خذ كذلك التعاون مع مجلس النواب ورئيسه لدعم عمل المجلس، وهذا الأمر ورد فى الدستور، وعليه يجب أن تنشأ لجنة أو تنظيم لائحى يبين كيفية التعاون مع مجلس النواب، لأن التعاون مع النواب سيفتح أفاق عمل ويبتكر صلاحيات لمجلس الشيوخ، دون أية مخالفة للدستور.
غاية القول إن اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ، يجب أن توسع اختصاصات المجلس، وتزيد من صلاحيات الأعضاء ولا تضيقها، وتستغل كل شاردة وواردة لم يأت بها الدستور لكى تفصلها. بعبارة أخرى، على واضعو اللائحة أن يعتبروا كل ما لم يعترض عليه الدستور هو حق للمجلس، ويفصلوا كل ما ورد به من حقوق للشيوخ.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved