للعنف ثقافة..

سهام على
سهام على

آخر تحديث: الإثنين 29 نوفمبر 2021 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

يحتفل العالم فى الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام باليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة، حيث حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر 1999، كاستجابة لمطالبات الجمعيات النسوية العاملة فى مجال مناهضة العنف ضد المرأة خاصة بعد إعدام الأخوات ميرابل الثلاثة واللائى تم إعدامهن من قبل حاكم الدومنيكان عام 1960 حيث كن معارضات لحكمه الدكتاتورى، داعيات إلى الإطاحة به.
والعنف كما عرفه إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 «أى فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة».
العنف ضد المرأة والفتاة واحد من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا فى مجتمعنا اليوم، ولم يزل مجهولا إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب والصمت واختلاق المبررات له فى كثير من الأحيان، تلك الظواهر التى جعلت من العنف ثقافة، فالثقافة كما تعرفها العلوم الاجتماعية، هى «ذلك الكل المركب الذى يشتمل على العادات والمعتقدات أو العقائد والفن والأخلاق والقانون وغيرها من القدرات أو العادات التى يكتسبها الإنسان بوصفة عضوا فى المجتمع، كما تتضمن الأشياء المادية والفنون العلمية»، من هذا المفهوم يتضح لنا أن الثقافة جزء لا يتجزأ من جميع مناحى الحياة التى تخص الإنسان بشكل عام والنساء بشكل خاص، فعند إلقاء الضوء على الممارسات المجتمعية وثقافة المجتمع تجاه النساء نجد أنها ثقافة تتميز بالتهميش والعنف تجاه النساء وذلك فى مجالات عدة، فعلى مستوى الثقافة المجتمعية نجد أن النساء فى الأمثال الشعبية على سبيل المثال، نالت مساحة كبيرة وللأسف كان أغلبها فى شكل سخرية، تهميش، إشعارهن بالدونية (اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24 – يا مخلفة البنات يا شايلة الهم للمات – شورة المرة تخرب البيت سنة).. إلخ، أما على مستوى الثقافة الدينية، فنجد أن معظم المجتمع ثقافته الدينية تجاه حقوق النساء ومعاملتهن هى ثقافة محدودة ففى الوقت الذى يدعو فيه الإسلام إلى الرفق بالنساء والإحسان إليهن ومساواتهن مع الرجال فى الحقوق والواجبات والثواب والعقاب، نجد معظم الثقافة الدينية تجاه النساء تقف عند (واضربوهن ــ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ــ الرجال قوامون على النساء) متخذين فى ذلك من الإسلام ذريعة للعنف مثل الضرب وتعدد الزوجات وعدم الاعتداد برأى المرأة.. إلخ.
كما أنه عند إلقاء الضوء على وضع المرأة فى القانون نجده لا يختلف كثيرا فقد تأثر بثقافة المجتمع ونظرته تجاه النساء، وهو ما انعكس بشكل كبير فى بعض التشريعات والتى منها على سبيل المثال لا الحصر، وضع النساء داخل مواد الزنا بقانون العقوبات ففى الوقت الذى تساوى فيه الشريعة الإسلامية بين الرجل والمرأة فى جريمة الزنا وعقوبتها نجد أن قانون العقوبات قد ميز بينهما سواء فى العقوبة التى تكون للرجل 6 شهور سجنا بينما للمرأة تصل لسنتين كما يستفيد الرجل فى حالة قتل زوجته أثناء واقعة الزنا من العذر المخفف، وفى المقابل لا تستفيد النساء من ذلك العذر، وبينما تثبت جريمة الزنا على المرأة فى أى مكان وتعاقب عليها، لا يعاقب عليها الرجل إلا إذا تمت فى منزل الزوجية.. إلخ من التمييز البين فى تلك المواد، أما عند إلقاء الضوء على تأثير الثقافة فى الإعلام نجد أنه على الرغم من الدور الإيجابى الذى حققته المرأة فى المجتمع فإنها لازالت تعانى من إبراز صورتها بصورة نمطية سلبية تسىء إليها، حيث يعرضها الإعلام كسلعة ورمز وأداة للإثارة، وأن التركيز الأكبر يكون على شكلها وجمالها من خلال الاهتمام بالموضة والتجميل والأزياء وغيرها، والأمثلة على تأثير الثقافة على وضع النساء لازالت كثيرة ربما أتيح لنا وقت أكبر لذكرها فيما بعد، حيث إننا فى احتياج إلى خلق ثقافة جديدة وبديلة عليها أن تنظر للنساء من وجه آخر، ألا وهو وجه العدالة والمساواة والإنصاف، كما حثت عليها الشرائع السماوية والاتفاقيات الدولية المختلفة التى استهدفت حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص.
فى إطار الثقافة المجتمعية ودورها فى استمرار العنف ضد النساء، قامت مؤسسة قضايا المرأة المصرية بعمل حملة متخصصة تحت عنوان (للعنف ثقافة) خلال 16 يوما لمناهضة العنف من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر 2021 تتناول خلالها محاور عدة حول تأثير الثقافة على المحاور المختلفة تمثل أهمها (الثقافة وأثرها على المفاهيم المجتمعية – الثقافة وأثرها على القوانين والتشريعات – الثقافة وأثرها على صورة المرأة فى الإعلام – الثقافة وأثرها على نشر المفاهيم الدينية المغلوطة).

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved