مطلوب فدائى

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 30 يناير 2014 - 5:10 ص بتوقيت القاهرة

ساعات قليلة تفصلنا عن إعلان الفريق أول عبدالفتاح السياسى رسميا قرار الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة فى ظل شعبية تضمن له حسم المعركة. ورغم ذلك فإن مصر أحوج ما تكون إلى مرشح آخر أو أكثر من بين الشخصيات السياسية التى ترى فى نفسها القدرة على حكم البلاد لكى يواجهوا السيسى فى الانتخابات المقبلة. فمصر أكبر وأكرم من أن يتم تقديمها على طبق من فضة لأى شخص لكى يجلس على عرشها دون عناء كما هو الحال مع الفريق أول الذى تمت ترقيته إلى رتبة المشير ولم تدخل الترقية حيز التطبيق حتى الآن.

إن مرشحى الانتخابات الرئاسية الماضية وبخاصة هؤلاء الذين حصلوا على ملايين الأصوات مثل حمدين صباحى وعمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح مطالبون أكثر من غيرهم بالتفكير فى أمر خوض الانتخابات المقبلة بعيدا عن حسابات الشعبية ونتائج استطلاعات الرأى العام.

فالمطلوب مرشح يمتلك سمات الفدائى وربما الاستشهادى لكى يفرض على السيسى معركة انتخابية حقيقية تضمن للشعب معرفة عيوب وزير الدفاع الحالى والمرشح المحتمل لرئاسة البلاد وأوجه القصور فى أفكاره ومبادئه وربما برنامجه الانتخابى الذى قد يتعالى على إعلانه.

غياب المنافسين الجادين عن معركة الرئاسة المقبلة ضربة مميتة لحلم الديمقراطية الذى دفع ثمنه آلاف الشباب المصرى من أرواحهم منذ 25 يناير 2011 لأنه بدون وجود مثل هؤلاء المنافسين سنعود إلى أجواء الاستفتاء على تمديد سنوات حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك خاصة أن كل المؤشرات تقول ذلك.

ليس هذا فحسب بل إنه لو تخلت جماعة الإخوان المسلمين عن حمقها وغبائها السياسى المزمن لقدمت مرشحا لها فى هذه الانتخابات رغم التسليم بأن فرص تحقيقه للتمثيل المشرف حتى معدومة. فمثل هذا المرشح سيتيح للجماعة منصة إعلامية مشروعة على امتداد البلاد تهاجم من خلاله السيسى وتصفه بكل ما تشاء من صفات دون أن يتصدى لها أحد. كما أن أى تضييق على هذا المرشح الذى لن يرفع بالتأكيد راية الجماعة المصنفة حكوميا «إرهابية» سوف يخصم بشدة من شرعية الرئيس المنتظر عبدالفتاح السياسى ويطعن فى سلامة الانتخابات التى سيراقبها العالم.

أعترف أن شعبية السيسى تجعل منافسته صعبة على أى مرشح مهما كانت إمكانياته وقدراته لكن لا يمكن أن يكون البديل هو الانسحاب من مواجهته بالشكل الذى نراه الآن حتى لا نعيد إنتاج الحاكم الطاغية المستبد الذى يرى أن حكمه لمصر «تفضلا وتنازلا منه» لأن الشعب هو الذى يلح عليه ويستجديه والرجل يتمنع.

ليس هذا فحسب ولكن غياب المرشحين الجادين عن منافسة السيسى حتى هذه اللحظة ربما المستقبل السياسى للبلاد كلها فى مهب الريح. فالمرشح المحتمل عبدالفتاح السيسى يواجه عددا غير مسبوق من الأعداء الراغبين فى تصفيته. وهو ونحن نواجه قدر الموت الذى لا يعرف موعدا ولا يحتاج إلى أسباب ولا مبررات، فكيف سيكون الحال إذا لم يتقدم أى منافس جاد للسيسى فى الانتخابات ثم حدث لا قدر الله أى مكروه للمرشح الرئيسى يمنعه من مواصلة المعركة؟ ساعتها ستدخل مصر نفقا جديدا ربما يكون أشد تعقيدا من كل ما مرت به طوال السنوات الماضية.

إن خوض الانتخابات ومنافسة السيسى فرض عين على كل سياسى رأى فى نفسه فى وقت من الأوقات القدرة على إدارة شئون البلاد إن كان فعلا لا يبتغى من عمله السياسى إلا مصلحة البلاد ورضا الله وليس طمعا فى منصب ولا جريا وراء مغنم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved