جريمة باسم يوسف

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 30 مارس 2011 - 9:37 ص بتوقيت القاهرة

 خسر إنسان العصر الحديث نعمة النسيان، أى اختفاء أحداث ووجوه ووقائع لا نحب كثيرا أن نتعذب بها. لكن القانون تغير الآن، فكل ما جرى يبقى ماثلا أمامنا كأنه «العمل الردىء»، على شاشات يوتيوب، وقوائم جوجل، ومدونات شباب مصر الجبابرة.

أمس شاهدت حلقة جديدة من «استعراض باسم يوسف»، بعنوان سيد على وهناء السمرى. وباسم مذيع موهوب «طحن»، لن يجد له بين شاشات التوك شو المحترمة مكانا، لأنه مبدع وساخر ولا يرحم، عكس كائنات الثامنة والتاسعة مساء، المداهنة التائهة بين دور المذيع السطحى والقاضى المغرض والزعيم الأونطة.

جريمة باسم يوسف أنه يمتلك أرشيفا مهولا لمهرجى المساء ومزورى ماسبيرو، ومقاطع يشيب لها الولدان الذين شاهدوها من قبل، ثم نسوها فى زحام القيامة بميدان التحرير.

بإيقاع لاهث شيق عرض المذيع المجهول ما قاله سيد وهناء، وضيفتهما الكذابة التى ادعت أن الموساد دربها على «الانكلاب». ثم عاد إليهما بعد الثورة وهما يؤكدان دعمهما من أول يوم للشباب «اللى قعدوا هنا على الكنبة دى». اندهش باسم وهو يقول: ناقص يقولوا إحنا اللى فجرنا الثورة. وقبل أن تنتهى دهشته عرض باسم مقطعا لرئيس تحرير سيد وهناء، وهو يقول بصوت جعورى واثق من غباء مشاهديه: إحنا اللى فجرنا الثورة.

سيد وهناء ليسا أخطر أعداء الشعب والحقيقية، لكنهما مجرد «جنديين ساهرين» على تمرير الأكاذيب وتضليل الوعي، مثل الزملاء فى برامج الشو الأخرى، سواء كان ذلك عن إصرار وتعمد، أو عن جهل بعلوم مهنة الصحافة، التى تقدمت كثيرا فى كل مكان إلا بلدنا، وتجاوزت فنونها كثيرا كنبة سيد وهناء و«إخواتهم».

أمام نيابة الأموال العامة بوسط القاهرة الآن بلاغ يتهم عبداللطيف المناوى بترتيب مداخلات ومكالمات «مفبركة» بهدف ترويع المواطنين وبث الخوف وقت الثورة، والتدليس على مشاهدى التليفزيون المصرى بتحويل الكاميرات عن الأحداث الحقيقية، وموقعة الجمل مثال.
لا يحتاج الأمر معرفة تفاصيل عن فبركة المكالمات، فالقرصان المناوى الذى يرفض مغادرة مركبه الغارق استغل شاشة الدولة التى نملكها وندفع تكاليفها من عرقنا، ليذيع بيانا مشبوها متكررا، بأن قوات تحمل كرات من النار فى طريقها إلى التحرير لحرق من هناك. هل سمعتم ذلك فى حواديت الرعب أو تخاريف المرضى؟ هل حاسبه أحد على الترويع والكذب الوقح؟.

حتى بعد إحالة أوراقه إلى نيابة وسط القاهرة الكلية، يرفض القرصان المناوى المغادرة، مثل كل من ساهموا فى سرقة وعى الشعب، وما زالوا يخرجون ألسنتهم للثورة والثوار، من فوق برج الجزيرة، وفى حرم الجامعات وكلية الإعلام، وإقطاعية قطاع الأخبار و«مصر النهارده».

أفراد الكتيبة التى سهرت على تحويل الشعب إلى كتلة بلهاء تجلس على الكنب، تهز رءوسها طربا بما يقوله زعماء، يجلسون أيضا على الكنب، داخل شاشات التوك شو، التى لا تخجل، ولا يعرف التغيير إليها سبيلا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved