باقة الأوائل

داليا شمس
داليا شمس

آخر تحديث: السبت 30 يوليه 2011 - 9:36 ص بتوقيت القاهرة

لا يشير العنوان هنا إلى باقة القنوات التليفزيونية المعروفة التى تبث على النايل سات ويمكن مشاهدتها بدفع اشتراك شهرى، لكن إلى قائمة نشرتها مؤخرا مجلة فوربز العربية لتكشف لنا عن ترتيب أكثر 100 شخصية عربية حضورا على تويتر. جاء فى الموقع الأول الإماراتى سلطان سعود القاسمى (بنحو 70 ألف متابع و673 تغريدة فى الشهر)، تبعه الكويتى ثامر الدخيل، ثم المصرى عمرو واكد (بنحو 61 ألف متابع و321 تغريدة فى الشهر).

القائمة قد تثير الفضول والرغبة فى معرفة المزيد عن بعض الأسماء، خصوصا من منطقة الخليج العربى، لمحاولة فهم ما يطرأ على المجتمعات من تغيرات لافتة، كما تطرح أسئلة أكثر خصوصية حول تجديد هؤلاء لطريقة تناول الموضوعات أو مدى تأثير بعضهم عندما يوجدون على تويتر وفيس بوك والمدونات فى ذات الوقت، فضلا عن انتمائهم أحيانا لعالم الصحافة إلخ... لكن اللافت أيضا هو وجود ثلاثة مصريين بين العشرة أسماء الأولى ترتيبا، إذ احتل المدون وائل عباس المركز الخامس، وطبيب الأعصاب شريف هاشم المركز التاسع.

عمرو واكد ممثل وناشط كما هو معلوم للجميع، ووائل عباس هو صاحب مدونة «الوعى المصرى» التى ذاع صيتها فى وقت قصير خصوصا بعد أن نشرت فى 2007 كليبات تعذيب صورت بكاميرات المحمول، والطبيب شريف هاشم يصفه البعض أيضا بأنه «هاكر مبدع» لتليفونات الآى فون أى خبير فى الاختراق وفك الأقفال وإيجاد الثغرات..

●●●

هذه الأسماء وغيرها أصبحت واقعيا من أهم قادة الرأى الجدد، كما يطلق عليهم فى علوم الاتصال والإعلام، يمارسون تأثيرهم على الآخرين دون الرجوع لوسائل الميديا التقليدية ودون قصد ربما فى البداية، إذ بدأ هؤلاء وآخرون فى التعبير عن رأيهم بكونهم مجرد «مغردين» على تويتر أو ممن أنشأوا مجموعات متنامية على الفيس بوك إلى ما غير ذلك، وفجأة لاحظوا أن كلماتهم مسموعة وأن رأيهم يعتد به، بعضهم لم يكن يتوقع بالطبع ردة الفعل لكن وجد نفسه بين عشية وضحاها «قائدا» محاطا بالمتابعين والمتابعات على الشبكة العنكبوتية. إذ تنطبق عليهم نظريات الباحثين الأمريكيين ــ بول لازرسفيلد وإلياهو كاتز ــ حول قادة الرأى، الذين يُعرفون على أنهم مستهلكون بشدة لوسائل الإعلام ولديهم قدرة الوصول للمعلومات أو مطلعون على الشأن العام بدرجة تفوق المواطن العادى، هم لا يصنعون الخبر لكن يمررونه ويناقشونه فى نطاقهم، وبما أنهم من الناشطين اجتماعيا فهم يتمتعون بالقدرة على التأثير.. وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أن سر قوتهم يكمن أيضا فى كونهم يشبهون متابعيهم إلى حد كبير. دراسة الباحثين السابق ذكرهما ركزت على الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الأمريكية عامى 1940 و1948 للكشف عن اختيارات المواطن وكيفية التأثير عليه، وهى لا تزال مرجعا مهما يمكننا الارتكاز إليه لتفسير ظهور نمط جديد من قادة الرأى يختلفون عن الخبراء والأكاديميين الذين يملأون شاشات التليفزيون.. ففى دولة التويتر والفيس بوك، الأحزاب المخضرمة والمؤسسات الثقافية التقليدية أصبحت فى أحسن الأحوال تتكلم لغة شائخة، بينما ساهمت المدونات بالفعل فى ظهور عدد من الكتاب وقادة الرأى أغلبهم لا يتجاوزون الثلاثين عاما أو فى بدايات العقد الثالث.

●●●

يوم السبت الماضى على سبيل المثال حين وقعت اشتباكات العباسية، فيما سمى على الإنترنت بموقعة «الكماشة»، وقف البعض يتابع الأحداث من فوق «كوبرى 6 أكتوبر» واصطفت السيارات على الجانبين مما أدى إلى توقف السير وشل حركة المرور.. قرر هؤلاء الوقوف طويلا لمتابعة ما يحدث من كر وفر ومدرعات وأسلاك شائكة وأحجار، وحث الخطى آخرون نحو أقرب شاشة كمبيوتر أو محمول للتعرف على ما يحدث من خلال «تغريدات» من يتابعهم على تويتر أو من خلال عيون الآخرين من أصدقائه الموثوق بهم على الفيس بوك، فهو يعرف أنهم يعرفون.. بينما ظلت فئة ثالثة تتنقل بين قنوات التليفزيون المصرى والفضائيات فى حيرة، كل طرف يعطى تفسيرا لما يحدث وهو لا يملك الأدوات التى تمكنه من الانضمام لأى من الفرق المتناحرة، معلنا أنه لم يعد يفهم شيئا على الإطلاق.. وعلى الجانب الآخر قد تظهر فجأة ــ أيضا على الإنترنت ــ عبر مواقع غير مفهومة الأصل قوائم تحدد قادة الرأى فى مصر بعد 25 يناير على النحو التالى: (1 ــ الشيخ محمد حسان، 2 ــ الشيخ صفوت حجازى، 3 ــ الداعية عمرو خالد، 4 ــ الدكتور عصام العريان)، دون ذكر أى تفاصيل حول كيفية التحقق من هذا الترتيب ومدى جدية وعلمية الاستبيان، ولكن لهذه القائمة أيضا دلالاتها، حتى تكتمل الصورة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved