(حلو الكلام).. انتماء الفن للوطن

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الجمعة 30 سبتمبر 2011 - 9:00 ص بتوقيت القاهرة

يبقى خالد جلال أحد المخرجين القلائل الذين يؤمنون بأن للإبداع سرًا، بل ويقبض على هذا السر فى لحظته المناسبة.. تلك اللحظة التى يشع محيطها وهجا وبريقا يملأ أرجاء المكان ويسرى فى وجدان المبدع والمتلقى.

 

كنت دائما أراقبه بل وأشعر أحيانا بالغيرة منه فى قدرته على كشف المواهب المكنونة داخل شباب مصر الهاوى والعاشق لفن المسرح، كيف يكتشف.. كيف يعلم، كيف ينمى الطاقات الإبداعية.. كيف يفرج عن مخزون أحلام جيل كادت تذبل.. ووجدته يحتضن مجموعات من هؤلاء الشباب ليقدمهم للجمهور بعد تدريبهم وتعليمهم وغرس قيم وأصول فنية تحفظ لمصر حق ريادتها التمثيلية فى المستقبل.

 

وقد شاهدت مؤخرا أحدث إنتاج لورشة مركز الإبداع، وهو عرض «حلو الكلام»، الذى لعب بطولته الدفعة الثالثة لطلاب استوديو مركز الإبداع، الذين تفاوت أداؤهم وحسهم ونضجهم الفنى. وفى العرض الذى جاء نتاج ورشة الإلقاء شكل بحق سيمفونية وطنية حملت نغمة واحدة فى حب مصر، حيث تبارى أبطاله فى تقديم لوحة لأروع شعراء مصر عبر قصائد تغازل الحس الوطنى وتواصل مسيرة ثورة جديدة عرف فيها الوطن طعم الحرية، وغاصت كلمات فؤاد حداد وجمال بخيت، ومحمد حمزة وأمل دنقل وفاروق جويدة، وصلاح جاهين ونزار قبانى، وأحمد فؤاد نجم، ونجيب سرور وعبدالرحمن الأبنودى ومحمد بهجت فى جذور الوطنية تلهم وتستلهم من نبض مفرداتها القديمة لتبث روحا جديدة داخل المتلقى.

 

وأنت تشاهد إلقاء الشباب لهذه الموجات الشعرية والإلقاء المدهش تشعر بالغرق فى مطب حب الوطن، وهو الوطن الذى لا تود الخروج منه، خاصة فى تلك الفترة التى تعيشها مصر.

 

ولا ننسى هنا حرفية د. نجاة على التى مرنت هؤلاء الشباب الهواة على فنون الإلقاء، التى هى جزء أصيل لممثل المسرح، وكان اختيار الأشعار وخلفيتها الموسيقية ذكيا لدرجة أنك تتوحد معه فتردد «لن أصالح»، ولن نصالح أبدا الغدارين، وآكلى أحلام البشر وقاطفى زهور ربيع الأرض، ولن نصالح الفاسدين والمرتشين والطامعين، وكان المشهد عظيما حين غنى الجميع بصوت واحد «دين أبوهم اسمه إيه».

 

إن مثل هذه التجارب كحلو الكلام لهى ثمرة فنية تنبث وسط حدائق شوك سادت الساحة الفنية فى مصر لسنوات، وهى تحتاج دائما لمن يرويها بفكر مستنير مثل فكر خالد جلال ومركزه الإبداعى، الذى قدم صورة شعرية ارتدى فيها الفن ثياب الوطن.  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved